البحث في المقام
عقلي وأمره راجع إلى ما يتصوره العقل.
فنقول : قد عرفت الاعتبارين للماهية ، وان
الماهية تارة : تكون مجردة عن كل خصوصية ، وهي الكلي العقلي. وأخرى : تكون منضمة
إلى خصوصية خاصة ، هي الماهية المشروطة والمقيدة. والمعنى الثالث للماهية الذي
يكون في مقابل هذا هو الماهية المرسلة المطلقة ، أي الماهية التي تكون محفوظة في
جميع الخصوصيات والطواري المتقابلة والقدر المشترك الموجود في جميع ذلك ، وهو ذات
الرقبة مثلا المحفوظة في ضمن الايمان ، والكفر ، والعلم ، والجهل ، والرومية ، والزنجية
، وغير ذلك من الخصوصيات والطواري ، فإنه لا اشكال في أن هناك ما يكون قدرا مشتركا
بين جميع تلك الخصوصيات القابل لحمل كل خصوصية عليه كما يقال : الرقبة مؤمنة ، والرقبة
كافرة ، وكذا رومية ، أو زنجية ، وغير ذلك. وهذا المعنى هو الذي يصح ان يجعل
مقابلا للمعنيين الآخرين ، ويستقيم حينئذ تقابل الأقسام ويتميز بعضها عن بعض.
ومنه
يتضح فساد اخذ الارسال قيدا في معنى اللابشرط القسمي ، فإنه لا معنى لاخذ الارسال
قيدا ، إذ المراد من الارسال ان كان بمعنى التجرد يرجع حينئذ إلى بشرط لا ولا يكون
قسما آخر ، وان كان المراد من الارسال هو عدم صلاحية الماهية للتقييد بشيء ، فهذا
مما لا يرجع إلى محصل.
والحاصل : انه لا اشكال في أن التقسيم
لا بد ان يكون على وجه لا تتداخل فيه الأقسام بعضها مع بعض ، فلا بد ان يكون لكل
من الماهية بشرط شيء ، والماهية لا بشرط ، والماهية بشرط لا ، معنى يختص به ولا
يرجع إلى الآخر. وقد عرفت معنى الماهية بشرط لا ، وهو بشرط التجرد عن جميع
الخصوصيات الخارجية ، وان ذلك يكون كليا عقليا. وعرفت أيضا معنى الماهية بشرط شيء ،
وهو بشرط الانضمام إلى خصوصية خاصة من الخصوصيات الخارجية أو الذهنية ، وان ذلك هو
معنى التقييد والاشتراط. وبعد ذلك لا بد ان يكون للماهية لا بشرط معنى لا يرجع إلى
الماهية بشرط ، لا ، ولا إلى الماهية بشرط شيء ، والا يلزم تثنية الأقسام لا
تثليثها.
والمعنى القابل لان يكون للماهية لا
بشرط ـ غير الماهية بشرط التجرد وغير