وعلى كل حال : نحن في غنى عن هذه
المقالات ، لما عرفت : من أن التخصيص لا يقتضى المجازية أصلا ، لا في الأداة ، ولا
في المدخول.
إذا عرفت هذه الأمور ، فلنشرع في مباحث
العام والخاص.
المبحث
الأول :
بعد ما عرفت من أن التخصيص لا يوجب
المجازية ، فلا ينبغي الاشكال في حجية العام في الباقي بعد التخصيص ، إذ مبنى
الاشكال في ذلك هو المجازية. وقد تقدم فساد المبنى ، وذلك واضح.
المبحث
الثاني :
إذا كان المخصص مجملا مفهوما ، فتارة : يكون
الاجمال من جهة دورانه بين المتباينين ، وأخرى : يكون بين الأقل والأكثر ، وعلى
كلا التقديرين ، فتارة : يكون المخصص متصلا ، وأخرى : يكون منفصلا.
وحكم هذه الأقسام
: هو انه لو كان المخصص متصلا ، فالعام يسقط عن الحجية بالنسبة إلى محتملات المخصص
مطلقا ، سواء دار امره بين المتباينين أو بين الأقل والأكثر ، لسراية اجمال المخصص
إلى العام ، وعدم انعقاد ظهور له ، لاحتفافه بالمخصص المجمل ، فلا يكون للعام
دلالة تصديقية على معنى بحيث يصح ان يخبر بمفاده ، ويترجم بلفظ آخر أو لغة أخرى.
وما لم يحصل للكلام هذه الدلالة لايكون له ظهور في معنى ، ومع عدم الظهور لايكون
حجة. فسقوط العام عن الحجية في المخصص المتصل ليس من جهة العلم بالتخصيص حتى يقال
: ان العلم بالتخصيص انما يوجب سقوط العام عن الحجية في المتباينين ، لا في الأقل
والأكثر لعدم العلم بتخصيص الأكثر ـ كما سيأتي بيانه في المخصص المنفصل ـ بل من
جهة اجمال العام وعدم انعقاد ظهور له ، وذلك واضح.
واما لو كان المخصص منفصلا
: ففي صورة دورانه بين المتباينين يسقط العام عن الحجية أيضا في جميع الأطراف
المحتملة ، فإنه وان انعقد للعام ظهور ، الا انه بعد العلم بالتخصيص يخرج العام عن
كونه كبرى كلية ، ولا تجرى فيه أصالة