ثم إن العموم والكلية كما تكون على نهج
القضية الحقيقية وعلى نهج القضية الخارجية ، كذلك التخصيص تارة : يكون تخصيصا
أنواعيا ، وأخرى : يكون تخصيصا افراديا ، سواء كان التخصيص بالمتصل أو بالمنفصل.
والتخصيص الانواعي يناسب ان يرد على العموم المسوق بصورة القضية الحقيقية ، كما أن
التخصيص الافرادي يناسب ان يرد على العموم المسوق بصورة القضية الخارجية ، بل
القضية الخارجية لا تصلح الا للتخصيص الافرادي ، لما عرفت : من أن القضية الخارجية
ما ورد الحكم فيها على الافراد ، فالتخصيص فيها انما يكون تخصيصا أفراديا ، ولو
فرض ان المخصص سيق بصورة الأنواعي ، كما لو قال : كل من في العسكر قتل الا من كان
في الجانب الشرقي ، فالمراد به أيضا الافرادي ، فهو بمنزلة قوله : الا زيد وعمرو
وبكر ، كما أن أصل القضية كانت بهذا الوجه.
نعم : القضية
الحقيقية تصلح لان يرد عليها المخصص الافرادي ، كما تصلح لان يرد عليها المخصص
الأنواعي. ولا اشكال في أن التخصيص الأنواعي انما يهدم اطلاق مصب العموم ومدخوله ،
واما التخصيص الافرادي فهو كذلك ، أي يرد على مصب العموم ، أو انه يرد على نفس
العموم ويوجب هدمه ، ويكون التصرف في ( كل ) لا في ( العالم ) في قولك : أكرم كل
عالم. والنتيجة وان كانت واحدة الا ان الصناعة اللفظية تختلف. وعلى كل حال : لما
كانت الأحكام الشرعية كلها على نهج القضايا الحقيقية ، كان التخصيص الوارد في
الأحكام الشرعية كلها من التخصيصات الأنواعية ، الا ما كان من قبيل خصائص النبي صلىاللهعليهوآله .
الامر
الثالث :
قسموا العموم إلى : عموم استغراقي ، وعموم
مجموعي ، وعموم بدلي الذي هو بمعنى أي. وتسمية العموم البدلي بالعموم مع أن العموم
بمعنى الشمول والبدلية تنافى الشمول لا تخلو عن مسامحة. وعلى كل تقدير : العموم بمعنى
الشمول ليس الا الاستغراقي والمجموعي ، وتقسيم العموم إلى هذين القسمين ليس
باعتبار معناه الافرادي بحيث يكون التقسيم إلى ذلك باعتبار وضع العموم بمعناه
الافرادي ، بل التقسيم إلى ذلك انما يكون باعتبار الحكم ، حيث إن الغرض من الحكم
تارة : تكون