الرواية هو ان
المعاملة ان كانت مما لم يشرعها الله تعالى فهي تقع فاسدة ، وان كانت مما شرعها
الله تعالى في نوعها ولكن نهى عن بعض افرادها لخصوصية هناك ، كالنكاح بلا اذن
السيد ، فهذه المعاملة لا تقع فاسدة ، فالرواية أدل على الصحة من دلالتها على
الفساد.
وجه الدفع
: هو ان معصية السيد وان كانت معصية الله تعالى الا انه قد عرفت ان المراد من
كونها معصية الله ليس الا كون المعاملة تضييعا لحق السيد وتصرفا في سلطنته ، حيث
إن العبد مملوك للمولى وليس له سلطنة على شيء ، فالرواية تدل على أن كل ما يكون
تصرفا في سلطنة الغير. فأمره راجع إلى الغير ، وكل ما يكون تصرفا في سلطان الله
تعالى فهو يقع فاسدا. والمعاملة المنهى عنها شرعا تكون تصرفا في سلطانه تعالى
ومعصية له فتقع فاسدة ، لكونها خروجا عن وظيفة العبودية. كما أن اطلاق المعصية على
معصية السيد تكون بهذه العناية ، حيث إن العبد خرج عن وظيفته بنكاحه بلا اذن سيده ،
فتأمل جيدا.
تنبيه
حكى عن أبي حنيفة : دلالة النهى عن
العبادة والمعاملة على الصحة ، وقد تبعه في خصوص المعاملة بعض أصحابنا ، بتقريب : ان
متعلق النهى كمتعلق الامر لا بد ان يكون مقدورا بعد النهى ، ليمكن موافقة النهى
ومخالفته ، ومعلوم : ان النهى لم يتعلق بالعبادة أو المعاملة الفاسدة ، إذ لا حرمة
في اتيان العبادة أو المعاملة الفاسدة ، فالمنهى عنه لا بد ان يكون صحيحا حتى بعد
النهى ليمكن مخالفة النهى ، فلو اقتضى النهى الفساد يلزم ان يكون النهى سالبا
لقدرة المكلف ، وموجبا لرفع قدرة المكلف على مخالفته ، هذا.
ولكن لا يخفى عليك : فساد الاشكال. اما
في العبادات : فلان النهى فيها لم يتعلق بما هو عبادة فعلية ، بل تعلق بشيء لو امر
به لكان امره عباديا ، على ما تقدم بيانه ، والمكلف قادر على فعل متعلق النهى
ومخالفته ولو بعد النهى. والذي لايكون قادرا عليه ، هو فعل ما يكون عبادة فعلية ، وليس
هذا متعلق النهى ، وذلك واضح. واما في المعاملة : فلان متعلق النهى هو المبادلة
التي يتعاطاها العرف وما