لخروج المنشأ حينئذ
عن تحت سلطانه ، ولا قدرة عليه في عالم التشريع ، والمانع التشريعي كالمانع
العقلي.
والحاصل :
ان الأمر والنهي الشرعيين موجبان لخروج
متعلقهما عن سلطة المكلف ، ويكون في عالم التشريع مقهورا على الفعل أو الترك ، ومن
هنا كان اخذ الأجرة على الواجبات حراما ، لخروج الفعل بالايجاب الشرعي عن تحت
قدرته وسلطانه ، فليس يمكنه تمليكه إلى الغير ليأخذ الأجرة عليه ، الا إذا تعلق
الايجاب بنفس الايجاد والاصدار كما في الصناعات النظامية ، فإنه له اخذ الأجرة على
عمله ، لعدم خروج عمله بمعناه الاسم المصدري عن تحت سلطانه ، لعدم تعلق الايجاب به
، بل تعلق الايجاب بنفس الايجاد والاصدار وعدم احتكار العمل. وأما إذا تعلق الامر
بنفس العمل بمعناه الاسم المصدري فقد خرج العمل عن تحت سلطانه ، كما أنه لو تعلق
النهى بنفس العمل فإنه أيضا يخرج عن تحت سلطانه ، ويكون النهى مخصصا لعموم ( الناس
مسلطون على أموالهم ) وعلى ذلك يبتنى عدم جواز بيع منذور الصدقة ومشروطها في ضمن
العقد ، أو نذر البيع من زيد أو شرط ذلك ، فإنه لا يصح بيعه من غير زيد.
والسر في جميع ذلك : هو ان النذر ، والشرط
، والامر والنهى ، موجب لخروج المتعلق عن دائرة السلطنة ، ومخصص لعموم ( الناس
مسلطون على أموالهم ) ومن شرائط صحة المعاملة السلطنة وعدم الحجر. ودعوى ان الوجوب
والحرمة لا ينافيان السلطنة ضعيفة غايته ، فإنه لا معنى لبقاء السلطنة مع المنع
الشرعي ، كما لا معنى لبقاء السلطنة مع سلبها عن نفسه بنذر أو شرط ، بعد ما دل
الدليل على لزوم الوفاء بالنذر والشرط. وقد عرفت : ان جميع ذلك مندرج تحت جامع
واحد وملاك فارد ، وهو ان الممنوع عنه شرعا موجب لسلب السلطنة. وبعض ما يترتب على
ذلك من الفروع كأنه متسالم عليه عند الأصحاب ، وان كان بعضه الآخر لا يخلو عن
خلاف. هذا إذا تعلق النهى بنفس المنشأ. وأما إذا تعلق بآثاره ، كقوله : ثمن العذرة
أو الكلب سحت ، فهو يكشف أيضا انا عن عدم ترتب المنشأ وعدم تحققه. و