لمبدء آخر في الوجود
، على وجه يلتصق به ويتحد معه في الوجود بنحو من الاتحاد ، لوضوح ان مثل العلم لا
يلتصق بالفسق ولا يتحد معه بوجه من الوجوه. نعم هما يجتمعان في الذات التي يقومان
بها ، فيكون زيد مثلا مجمعا للعلم والفسق ، بمعنى انه وجد فيه كل من المبدئين ، ولمكان
وجود المبدئين فيه انطبق عليه عنوان العالم والفاسق ، الا ان اجتماعهما في الذات
غير اجتماع العلم مع الفسق على وجه الالتصاق والتركيب ، بحيث يتركب العلم مع الفسق
ويكونان بمنزلة شيء واحد وما بحذاء أحدهما عين ما بحذاء الآخر ، فان ذلك امر غير
معقول في مثل ذلك.
واما ان كانت من الافعال الصادرة عن
الشخص ـ بالمعنى المصطلح عليه عند الفقهاء لا بالمعنى المصطلح عليه عند أهل
المعقول من معنى الفعل ـ فيمكن اجتماع المبادئ بعضها مع بعض ، على وجه يكون فعل
واحد مصداقا لمبدئين ، ويتركب أحدهما مع الآخر ويلتصق به ، بحيث لايكون ما بحذاء
أحدهما غير ما بحذاء الآخر. وذلك كما في مثل الصلاة والغصب ، حيث يمكن ان يوجدا
بفعل واحد وحركة فاردة ، وتكون تلك الحركة مجمعا لكل من الصلاة والغصب ، على وجه
لا يتميز أحدهما عن الآخر ، مع ما هما عليه من المغايرة وعدم الاتحاد ، لما تقدم :
من أنه لا يعقل اتحاد المبدئين وملاحظتهما لا بشرط بالنسبة إلى الآخر الذي هو ملاك
الاتحاد ، كما في العناوين المشتقة ، فيكون التركيب في مثل الصلاة والغصب نظير
التركيب في الهيولي والصورة.
ومنها
:
ان العناوين
المجتمعة تارة : تكون من العناوين الاشتقاقية ، وأخرى : تكون من المبادئ. وما تكون
من المبادئ تارة : يكون اجتماعها لا على وجه الانضمام والتركيب ، بل كان ما بحذاء
أحدهما خارجا غير ما بحذاء الآخر وكان كل منهما قابلا للإشارة الحسية إليه وكان
اجتماعهما مجرد واجدية الموضوع لهما واجتماعهما فيه ، سواء كان ذلك من جهة
تلازمهما في الوجود ، كالاستقبال والاستدبار للقبلة والجدى ، حيث إنه وان وجد كل
من استقبال القبلة واستدبار الجدي في الشخص ، الا ان الاستقبال انما يكون باعتبار
مقاديم البدن والاستدبار