الدين الاسلامي بما انه خاتم للشرائع الإلهية
يشتمل على جميع ما يجب أو يناسب ان يقصده الشارع في وضع الشريعة : من المقاصد ، والحاجيات
، والكماليات فليس شيء مما يتوقف عليه حفظ مصالح الدين والدنيا من الضروريات الخمس
التي هي المقاصد الا وقد شرع له في الاسلام ما يقوم به أركانها ويحفظ وجودها
وكيانها ، وما يدفع به عما يورث اختلالها ويمكن ان يؤثر في زوالها.
وكذلك الشأن في الحاجيات ، فليس امر
يحتاج إليه في التوسعة على الناس الا وقد ثبت له في الشريعة السمحة السهلة مواد ، وانتفى
التضييق فيه برفع العسر ، والحرج ، والمشقة ، والضرر عن العباد ، ووسع عليهم فيما
لا يعلمون. ورفع عنهم المؤاخذة في الخطاء ، والنسيان ، وما اضطروا إليه ، وما
استكرهوا عليه ، وما لا يطيقون .. الخ.
وهكذا الامر في الكماليات ومحاسن
العادات ، فليس شيء يصلح لان يجعل ذريعة إلى تحصيل مكارم الأخلاق ، ويناسب ان
يتوسل به إلى تطهير الأعراق الا وقد أرشد إليه أئمة الاسلام. وتوصل إلى رعايته
بتعليم الآداب ومندوبات الاحكام. وبالجملة ، الدين الاسلامي جامع لكل ما يحتاج
الانسان إليه ، أو ينفعه ، أو يحسن له في نشأتيه.
ـ ٣ ـ
صدر من الشارع في بيان وظائف الأمة
احكام من طريق الكتاب والسنة ، لكنها غير مجتمعة بالتدوين ، بل هو آيات بينات في
صدور الذين أوتوا العلم والدين ، ومع ذلك كان تحصيل العلم بالأحكام في ذلك العصر ،
عصر السعادة وخير القرون. سهلا ميسورا إذا كان باب العلم على الأمة مفتوحا.
والمسألة عن الرسول للمؤمنين مقدورا.
انقضى عصر الوحي والتنزيل ، وخضع الناس
لسلطان الاسلام وإطاعة الاحكام جيلا بعد جيل ، وانبسط حكم الشريعة على البلاد
البعيدة والأمم المختلفة من حيث الخلق والعادة والعقيدة. فانعطف توجه الزعماء من
الصحابة إلى جمع