تلك التقادير تكون
علة أو ملحقة بالعلة بالنسبة إلى الخطاب ، ويكون الخطاب بمنزلة المعلول لها. فان
اخذ تلك التقادير قيدا وشرطا للخطاب ، فلمكان رجوع الشرط إلى الموضوع وكون الموضوع
علة لترتب الخطاب عليه يكون ذلك التقدير علة للخطاب. وان أطلق الخطاب بالنسبة إلى
تقدير فذلك التقدير وان لم يكن علة للخطاب ـ لعدم اخذ ذلك التقدير شرطا ـ الا انه
يجرى مجرى العلة من حيث إن الاطلاق والتقييد من الأمور الإضافية ، فهما في مرتبة
واحدة ، فإذا كان التقييد علة للخطاب ، فالاطلاق الواقع في رتبته يجرى مجرى العلة
من حيث الرتبة ، فتأمل.
وهذا بخلاف تقديري فعل المتعلق وتركه ، فان
الامر يكون فيه بالعكس ، حيث إن التقدير معلول الخطاب والخطاب يكون علة له ، لان
الخطاب يقتضى فعل متعلقه وطرد تركه ، فيكون تقديرا الفعل والترك معلولي الخطاب
بالنسبة إلى الفعل من حيث الوجود ، وبالنسبة إلى الترك لمكان اقتضائه عدم الترك.
الثاني : ان الخطاب بالنسبة إلى سائر
التقادير يكون متعرضا ومتكفلا لبيان امر آخر غير تلك التقادير. غايته انه تعرض
لذلك الامر عند وجود تلك التقادير ، فان خطاب الحج يكون متعرضا لفعل الحج من
الاحرام والطواف وغير ذلك عند وجود الاستطاعة ، وليس لخطاب الحج تعرض لتقدير
الاستطاعة. وهذا بخلاف تقديري الفعل والترك فان الخطاب بنفسه متكفل لبيان هذا
التقدير ومتعرض لحاله ، حيث إنه يقتضى فعل المتعلق وعدم تركه ، وليس للخطاب تعرض
لشيء آخر سوى هذا التقدير ، بخلاف سائر التقادير فان الخطاب فيها متعرض لشيء آخر
غير تلك التقادير.
إذا
عرفت ذلك
فاعلم
: انه يترتب على ما ذكرناه ( من الفرق بين
تقديري الفعل أو الترك المطالب به بالخطاب أو بنقيضه وبين سائر التقادير ) طولية
الخطابين ، وخروجها من العرضية. وذلك لان خطاب الأهم حينئذ يكون متعرضا لموضوع
خطاب المهم وطاردا ومقتضيا لهدمه ورفعه في عالم التشريع ، لان موضوع خطاب المهم هو
عصيان خطاب الأهم وترك امتثاله ، وخطاب الأهم دائما يقتضى طرد الترك ورفع