الطلوع ، لان الصوم
هو الامساك من أول الطلوع ، ففي الآن الأول الحقيقي من الطلوع يتحقق شرط التكليف
ونفس التكليف وامتثاله ، بمعنى ان ظرف أمثاله أيضا يكون في ذلك الآن وان لم يتحقق
الامتثال خارجا وكان المكلف عاصيا ، الا ان اقتضاء التكليف بالصوم للامتثال انما
يكون من أول الفجر ، ففي أول الطلوع تجتمع الأمور الثلاثة : شرط التكليف ، ونفس
التكليف ، وزمان الامتثال. ولا يتوقف التكليف على سبق تحقق شرطه آنا ما. كما أنه
لا يتوقف الامتثال على سبق التكليف آنا ما ، بل يستحيل ذلك.
اما استحالة تقدم زمان شرط التكليف
على نفس التكليف ، فلما عرفت
من رجوع كل شرط إلى الموضوع. ونسبة الموضوع إلى الحكم نسبة العلة إلى معلولها ، أي
من سنخ العلة والمعلول ، وان لم يكن من العلة والمعلول حقيقة ، الا ان الإرادة
التشريعية تعلقت بترتب الاحكام على موضوعاتها نحو تعلق الإرادة التكوينية بترتب
المعلولات على عللها. فيستحيل تخلف الحكم عن موضوعه ، كاستحالة تخلف المعلول عن
علته ، لان مع التخلف يلزم : اما عدم موضوعية ما فرض كونه موضوعا وهو خلف ، واما
تأخر المعلول عن علته وهو محال. ولذا قلنا بامتناع كل من الشرط المتقدم والمتأخر ،
وانه يعتبر في شرط المتكليف ان يكون مقارنا له زمانا ، وان تأخر عنه رتبة ، وذلك
لان الآن المتخلف اما ان يكون له دخل في ثبوت الحكم ، واما ان لايكون ، فان كان له
دخل فيلزم ان لايكون ما فرض كونه تمام الموضوع أو الجزء الأخير منه كذلك ، بل كان
انقضاء ذلك الآن هو الجزء الأخير من الموضوع. وان لم يكن لذلك الآن دخل يلزم تخلف
المترتب عما رتب عليه وتأخر المعلول عن علته ، وذلك واضح.
واما استحالة تأخر زمان الامتثال عن
التكليف ، فلان التكليف هو الذي يقتضى الامتثال ويكون هو المحرك ، فيكون نسبة
اقتضاء التكليف للحركة كنسبة اقتضاء حركة اليد لحركة المفتاح ، وغير ذلك من العلل
والمعلولات التكوينية.
نعم : الفرق بين المقام ، والعلل
التكوينية ، هو انه لا يتوسط في سلسلة العلل التكوينية العلم ولا الإرادة بل يوجد
المعلول بعد علته التكوينية من دون دخل