العقل خطابا شرعيا
تخيريا بأحدهما ، ويكون كسائر التخييرات الشرعية كخصال الكفارات ، غايته ان
التخيير الشرعي في الخصال يكون بجعل ابتدائي ، وفي المقام يكون بجعل طارئ. ويكون
وزان التخيير في المشروطين بالقدرة العقلية وزانه في المشروطين بالقدرة الشرعية ، حيث
تقدم ان التخيير فيهما يكون شرعيا.
وعلى ذلك أيضا يبتنى وحدة العقاب وتعدده
عند ترك الضدين معا ، فإنه بناء على سقوط الخطابين لايكون هناك الا عقاب واحد ، لان
الواجب شرعا ح هو أحدهما. واما بناء على اشتراط الاطلاقين فيتعدد العقاب ، لحصول
القدرة على كل منهما ، فيتحقق شرط وجوب كل منهما ، فيعاقب على ترك كل منهما. وربما
يترتب على ذلك ثمرات اخر قد تقدمت الإشارة إلى بعضها.
فتحصل : ان الذي ينبغي ان يقع محل النفي
والاثبات ، هو ان الموجب لايجاب الجمع ما هو؟ هل اطلاق الخطابين؟ أو فعليتهما؟
وعلى الأول يبتنى صحة الترتب ، وعلى الثاني يبتنى بطلانه.
ومن الغريب
: ما صدر عن الشيخ ( قده ) حيث إنه في الضدين الذين يكون أحدهما أهم ينكر الترتب
غاية الانكار [١]
ولكن في مبحث التعادل والتراجيح التزم بالترتب من الجانبين عند التساوي وفقد المرجح
، حيث قال في ذلك المقام ، في ذيل قوله : « فنقول وبالله المستعان قد يقال بل قيل
: ان الأصل في المتعارضين عدم حجية أحدهما » ما لفظه : « لكن لما كان امتثال
التكليف بالعمل بكل منهما كسائر التكاليف الشرعية والعرفية مشروطا بالقدرة ، والمفروض
ان كلا منهما مقدور في حال ترك الآخر ، وغير مقدور مع ايجاد الآخر ، فكل منهما مع
ترك الاخر مقدور يحرم تركه ويتعين فعله ، ومع ايجاد الآخر يجوز تركه ولا يعاقب
عليه ، فوجوب الاخذ بأحدهما نتيجة أدلة وجوب الامتثال والعمل بكل منهما بعد تقييد
وجوب الامتثال بالقدرة. وهذا مما يحكم به بديهة العقل ، كما في كل واجبين
[١] راجع تفصيل ما
افاده الشيخ قدسسره في المقام
في مباحث مقدمة الواجب من مطارح الأنظار ، الهداية التي تكلم فيها عن صحة اشتراط
الوجوب عقلا بفعل محرم مقدم عليه وعدمها ، ص ٥٤ إلى ٥٧.