الفعلية كما إذا
اتفق انه صار التصرف في ملك الغير مقدمة لانجاء المؤمن ، أو اتفق عدم التمكن من
انقاذ كل من الغريقين ، فان هذا الاتفاق لا يضر بذلك التشريع والجعل أصلا.
(
الجهة الثانية )
هي ان نتيجة تقديم
أحد المتعارضين على الاخر ـ بأحد وجوه التقديم المذكورة في محلها ـ ترجع إلى رفع
الحكم عن موضوعه. وفي باب التزاحم ترجع إلى رفع الحكم برفع موضوعه ، مثلا في
العامين من وجه ، لو حكمنا أكرم العلماء على لا تكرم الفساق في مورد الاجتماع يكون
نتيجة التحكيم هو رفع حكم لا تكرم عن موضوعه ، حيث إنه مع بقاء زيد العالم مثلا
على فسقه ومع قدرة المكلف على اكرامه يرتفع حكمه. واما في مثل الغريقين ، لو قدمنا
أحدهما على الآخر لاحد موجبات التقديم في باب التزاحم تكون نتيجة التقديم هو سلب
قدرة المكلف عن انقاذ الاخر وتعجيزا مولويا بالنسبة إليه ، لوجوب صرف قدرته إلى
الأهم ، فعدم وجوب انقاذه لعدم قدرته عليه ، حيث إن الممتنع الشرعي كالممتنع
العقلي.
(
الجهة الثالثة )
هي ان المرجحات
لاحد المتعارضين على الاخر كلها ترجع ، اما إلى باب الدلالة ، واما إلى باب السند.
واما في باب التزاحم : فالمرجحات هي أمور آخر لا ربط لها بباب الدلالة والسند ، بل
ربما يقدم ما هو أضعف دلالة وسندا على ما هو الأقوى ، نعم : ربما يكون بعض
المرجحات مرجحا لكلا البابين ، لكن لا بمناط واحد بل بمناطين ، كالأهمية مثلا ، حيث
إنه في باب التعارض تكون مرجحة أيضا في بعض الأحيان ، كما قيل فيما لو تعارض الأمر
والنهي قدم جانب النهى ، لأهمية التحرز عن المفسدة ، أو أولوية دفعها عن جلب
المصلحة. وفي باب التزاحم أيضا يقدم ما هو الأهم ، لكن مناط التقديم ليس من جهة ان
في النهى مفسدة ، بل امر آخر بحسب ما يقتضيه المقام ، وكتقديم ما لا بدل له على
ماله البدل ، فإنه في باب التعارض يقدم ذلك من باب ان ما لا بدل له يكون حاكما
ومبينا لما له البدل ، كما في مثل تقديم العام الأصولي والمطلق الشمولي على المطلق
البدلي. وفي باب التزاحم