من الوجهين الذين استدل بهما القائل
باقتضاء الامر بالشيء للنهي عن ضده الخاص ، هو مقدمية عدم أحد الضدين لوجود الضد
الاخر ، فيكون عدمه واجبا لوجوب مقدمة الواجب ، فيكون وجوده منهيا عنه وهو
المقصود. اما وجه كون عدم الضد مقدمة لوجود الآخر ، فلما بين المتضادين من التمانع
، ومعلوم ان عدم المانع من اجزاء علة وجود الشيء ، وحيث انجر الكلام إلى ذلك ، فلا
بأس بالإشارة إلى مسألة مقدمية ترك أحد الضدين للآخر التي وقعت معركة للآراء بين
المتقدمين والمتأخرين.
فنقول : الأقوال في هذه المسألة على ما يظهر منهم
خمسة :
١
ـ قول بمقدمية وجود أحد الضدين لعدم الآخر
ومقدمية عدم أحدهما لوجود الآخر ، فتكون المقدمية من الطرفين وهذا هو الذي ينسب
إلى الحاجبي والعضدي.
٢
ـ وقول بمقدمية عدم أحد الضدين لوجود
الآخر ولا عكس ، وهذا هو الذي ينسب إلى المحقق القمي ، وصاحب الحاشية ، والسبزواري
وغيرهم ، وعلى ذلك بنوا اقتضاء الامر بالشيء للنهي عن ضده الخاص.
٣ ـ وقول بمقدمية
الوجود للعدم ولا عكس ، وعليه يبتنى شبهة الكعبي من نفى المباح.
٤
ـ وقول بنفي المقدمية من الجانبين لا
مقدمية الوجود للعدم ولا مقدميـة العدم للوجود وهذا هو الذي اختاره بعض المحققين
والذي ينبغي البناء عليه ، على ما سيأتي.
٥
ـ وقول بالتفصيل بين الضد الموجود فيتوقف
وجود الآخر على رفع الموجود وعدمه فيكون عدم الضد الموجود من اجزاء علة وجود الضد
الآخر ، وبين ما لم يكن أحد الضدين موجودا ، فإنه لا توقف ح من الجانبين.
اما
القول الأول ، ففساده غنى عن
البيان ، لاستلزامه الدور الذي لا يخفى على أحد.
واما
القول الثاني ، فقد عرفت ان عمدة
استدلالهم عليه هو تمانع الضدين