من الأصول العملية
أيضا هو الحكم الشرعي الظاهري ، اللهم الا ان يكون المراد من القيد ، بعض الأصول
العقلية فتأمل جيدا.
ولا يلزمنا معرفة الموضوع بحقيقته واسمه
، بل يكفي معرفة لوازمه وخواصه. فموضوع علم الأصول هو الكلي المتحد مع موضوعات
مسائله ، التي يجمعها عنوان وقوع عوارضها كبرى لقياس الاستنباط ، وهذا المقدار من
معرفة الموضوع يكفي ويخرج عن كون البحث عن امر مجهول.
فظهر
من جميع ما ذكرنا : رتبة علم الأصول ، وتعريفه ، وغايته ، وموضوعه. حيث كانت رتبته
: هي الجزء الأخير من علة الاستنباط. وتعريفه : هو العلم بالكبريات التي لو انضم
إليها صغرياتها يستنتج حكم فرعى. وغايته : الاستنباط. وموضوعه : ما كان عوارضه
واقعة في طريق الاستنباط. وإذ فرغنا من ذلك فلنشرع في المقدمة التي هي في مباحث
الألفاظ ، وفيها مباحث :
المبحث
الأول في الوضع
اعلم : انه قد نسب إلى بعض ، كون دلالة
الألفاظ على معانيها بالطبع ، أي كانت هناك خصوصية في ذات اللفظ اقتضيت دلالته على
معناه ، من دون ان يكون هناك وضع وتعهد من أحد ، وقد استبشع هذا القول ، وأنكروا
على صاحبه أشد الانكار ، لشهادة الوجدان على عدم انسباق المعنى من اللفظ عند
الجاهل بالوضع ، فلا بد من أن يكون دلالته بالوضع.
ثم أطالوا الكلام في معنى الوضع
وتقسيمه إلى
التعييني والتعيني ، مع ما أشكل على هذا التقسيم ، من أن الوضع عبارة عن الجعل
والتعهد واحداث علقة بين اللفظ والمعنى ، ومن المعلوم ان في الوضع التعيني ليس
تعهد وجعل علقة ، بل اختصاص اللفظ بالمعنى يحصل قهرا من كثرة الاستعمال ، بحيث صار
على وجه ينسبق المعنى من اللفظ عند الاطلاق.
وربما
فسر الوضع بمعناه الاسم المصدري ، الذي هو عبارة عن نفس العلقة والاختصاص الحاصل
تارة : من التعهد وأخرى : من كثرة الاستعمال هذا.