فنقول : لا ينبغي الاشكال في أن المجعولات
الشرعية ليست على نهج القضايا الشخصية الخارجية ، بحيث يكون ما ورد في الكتاب
والسنة اخبارات عن انشاءات لا حقة ، حتى يكون لكل فرد من افراد المكلفين انشاء
يخصه عند وجوده ، فان ذلك ضروري البطلان كما أوضحناه فيما سبق ، بل هي انشاءات
أزلية ، وان المجعولات الشرعية انما تكون على نهج القضايا الحقيقية ، كما هو ظاهر
ما ورد في الكتاب والسنة.
وحيث عرفت الفرق بين القضيتين ، وان
المجعولات الشرعية ليست على نهج القضايا الخارجية ، ظهر لك المراد من موضوعات
الاحكام التي هي محل النزاع في المقام ، وانها عبارة عن العناوين الكلية الملحوظة
مرآة لمصاديقها المقدر وجودها في ترتب المحمولات عليها ، ويكون نسبة ذلك الموضوع
إلى المحمول نسبة العلة إلى معلولها وان لم يكن من ذاك الباب حقيقة بناء على
المختار من عدم جعل السببية ، الا انه يكون نظير ذلك من حيث التوقف والترتب ، فحقيقة
النزاع في الشرط المتأخر يرجع إلى تأخر بعض ما فرض دخيلا في الموضوع على جهة
الجزئية أو الشرطية عن الحكم التكليفي أو الوضعي ، بان يتقدم الحكم على بعض اجزاء
موضوعه.
ومما ذكرنا ظهر ان ما صنعه في
الكفاية [١]
والفوائد [٢]
من ارجاع الشرط المتأخر إلى الوجود العلمي والى عالم اللحاظ ، مما لا ماس له فيما
هو محل النزاع ، وخروج عن موضوع البحث بالكلية ، فان تأثير الوجود العلمي انما
يكون في العلل الفائتة ، لا في موضوعات الاحكام. وارجاع الشرط المتأخر في باب
الاحكام إلى الوجود العلمي لا يستقيم ، الا إذا جعلنا الاحكام من قبيل القضايا
الخارجية ، وأن يكون ما ورد في الكتاب اخبارا عن انشاء لاحق عند تحقق افراد
المكلفين ،
[١] راجع كفاية
الأصول ، الجلد الأول ، مباحث مقدمة الواجب منها تقسيمها إلى المتقدم والمتأخر
بحسب الوجود بالإضافة إلى ذي المقدمة. ص ١٤٥ إلى ١٤٨
[٢] راجع الفوائد ، المطبوعة
في آخر حاشية على الرسائل ص ٢٩١ ، فائدة : لا يخفى ان قضية الاشتراط تقدم الشرط
على المشروط ..