اطلاق دليل الوضوء
يقتضى عدم تقييد وجوبه بمثل «
إذا قمتم إلى الصلاة » فتأمل.
واما ضعف ما في الكفاية ، فلانه لا معنى
لوضع الهيئة لمفهوم الطلب ، ولا معنى لانشاء مفهوم الطلب ، بل الهيئة على ما عرفت
لم توضع الا لايقاع النسبة بين المبدء والفاعل بالنسبة الايقاعية ، مقابل النسبة
التحققية والتلبسية ، التي وضعت هيئة الماضي والمضارع لهما ، وبايقاع هذه النسبة
إذا كان بداعي الطلب يتحقق مصداق من الطلب ، حيث إن حقيقة الطلب هو التصدي لتحصيل
المطلوب ، والآمر بايقاعه للنسبة مع كونه بداعي الطلب قد تصدى لتحصيل مطلوبه بتوسط
عضلات العبد ، فالهيئة لم توضع للطلب أصلا لا لمفهومه ولا لمصداقه ، وقد تقدم ذلك
مشروحا في أول مبحث الأوامر ، فراجع.
وعلى كل حال ظهر
صحة التمسك باطلاق كل من الغير والواجب الغيري لو كان لكل منهما اطلاق. بل لو كان
لأحدهما اطلاق يكفي في المقصود من اثبات الوجوب النفسي ، لان مثبتات الأصول
اللفظية حجة ، فلو فرض انه لم يكن لدليل الوضوء اطلاق وكان لدليل الصلاة اطلاق ، فمقتضى
اطلاق دليلها هو عدم تقييد مادتها بالوضوء ، ويلزمه عدم تقييد وجوب الوضوء بها ، لما
عرفت من الملازمة بين الامرين ، وكذا الحال لو انعكس الامر وكان لدليل الوضوء
اطلاق دون دليل الصلاة.
وبالجملة الأصل اللفظي يقتضى النفسية
عند الشك فيها ، سواء كان لكل من الدليلين اطلاق أو كان لأحدهما اطلاق ، ولا تصل
النوبة إلى الأصول العملية ، الا إذا فقد الاطلاق من الجانبين ، وحينئذ ينبغي
البحث عما يقتضيه الأصل العملي.
فنقول : الشك في الوجوب الغيري له اقسام
ثلاثة :
القسم الأول
ما إذا علم بوجوب كل من الغير والغيري
من دون ان يكون وجوب الغير مشروطا بشرط غير حاصل ، كما إذا علم بعد الزوال بوجوب
كل من الوضوء والصلاة ، وشك في وجوب الوضوء من حيث كونه غيريا أو نفسيا ، ففي هذا
القسم