تحصيل مقدماته التي
لم تكن حاصلة وحرمة تفويت المقدمات الحاصلة ولو قبل مجيئ زمان الواجب ، بل وقبل
تمامية ملاك الوجوب أيضا ، إذ العقل يستقل بحفظ القدرة ولزوم تحصيل المقدمات
الاعدادية ، لما عرفت : من أن اعتبار القدرة العقلية انما هو لمكان قبح تكليف
العاجز ، ومثل هذا الشخص لايكون عاجزا بل يكون قادرا ولو بحفظ قدرته ، أو تحصيلها
بتهيئته المقدمات الاعدادية التي له إليها سبيل ، والا لا ندرج في قاعدة الامتناع
بالاختيار لا ينافي الاختيار ، فان القاعدة لا تختص بما بعد ثبوت التكليف وتوجه
الخطاب ، حتى يقال : ان الكلام في لزوم تحصيل المقدمات قبل ثبوت التكليف وتوجه
الخطاب ، بل مورد القاعدة أعم من ذلك ، فتشمل ما نحن فيه ، فأنه لو فرض ان التكليف
بصوم الغد لم يقيد بالقدرة الشرعية ، وانما اعتبر فيه القدرة العقلية حتى لايكون
من التكليف العاجز ، وكان صوم الغد يتوقف على مقدمات لا يمكن تهيئتها في الغد ، وكان
متمكنا من تهيئتها قبل ذلك ، كان عدم تهيئة المقدمات موجبا لامتناع التكليف بالصوم
بسوء اختياره ، فيندرج في القاعدة ، من غير فرق بين ان يكون لزمان الغد دخل في
ملاك الواجب فقط ، أو كان له دخل في ملاك الوجوب أيضا ، فان العبرة انما هو بكون
الامتناع بالاختيار ، وهذا لا يفرق فيه بين القسمين كما لا يخفى.
فتحصل
: ان كل واجب كان مشروطا بالقدرة العقلية
يلزم تحصيل مقدماته التي يتوقف القدرة عليه في زمانه عليها. هذا إذا كانت القدرة
المعتبرة عقلية.
وان كانت القدرة
المعتبرة شرعية ، فلابد من النظر في كيفية اعتبارها ، فتارة : تعتبر شرعا على
النحو الذي تعتبر عقلا من دون ان يتصرف الشارع فيها ، بان اعتبر القدرة على وجه
خاص أو في زمان مخصوص ، بل اعتبرها بتلك السعة التي كان العقل معتبرا لها ، كما
إذا قال : ان قدرت فأكرم زيدا في الغد ، وح يكون الكلام فيها هو عين الكلام في
القدرة العقلية ، من لزوم تهيئة المقدمات التي يتوقف القدرة على صوم الغد عليها ، فإنه
لافرق ح بين هذه القدرة الشرعية والقدرة العقلية. سوى ان القدرة العقلية لا دخل
لها في الملاك ، والقدرة الشرعية لها دخل فيه ، وهذا لا يصلح فارقا في المقام.