تثليث الأقسام مما
لاوجه له ، بل الواجب ينقسم إلى مطلق ومشروط ، من دون ان يكون لهما ثالث ، فكل
خصوصية لم تؤخذ مفروضة الوجود فالواجب يكون بالنسبة إليها مط ، وان اخذت مفروضة
الوجود فالواجب بالنسبة إليها مشروط ، وتقسيم المقدمة إلى الوجودية والوجوبية انما
ينشأ من هذا ، فان المقدمة الوجودية هي ما اخذت تحت دائرة الطلب ، والمقدمة
الوجوبية هي ما اخذت فوق دائرة الطلب ، وهي التي لوحظت مفروضة الوجود ، سواء كانت
اختيارية أو غير اختيارية ، فإنه لا يفترق الحال في ذلك بعد اخذها مفروضة الوجود.
ثم
انه لا اشكال ، في أن وجوب المقدمات الوجودية يتبع في الاطلاق والاشتراط وجوب ذيها
، فان كان وجوب ذي المقدمة مط فلابد ان يكون وجوب المقدمات الوجودية أيضا مط ، وان
كان مشروطا فكذلك ، والسر في ذلك واضح ، لان وجوب المقدمة انما يترشح من وجوب ذيها
، فلا يعقل ان يكون وجوب ذي المقدمة مشروطا ووجوب المقدمة مط ، لان فاقد الشيء لا
يمكن ان يكون معطي الشيء ، فلا تجب المقدمات الوجودية الا عند وجوب ذيها وحصول ما
يكون شرطا لوجوبها. هذا حسب ما تقتضيه قاعدة التبعية عقلا.
ولكن انحزمت هذه القاعدة في عدة
موارد ، حيث كانت
المقدمات الوجودية لازمة التحصيل قبل وجوب ذيها وحصول المقدمة الوجوبية ، والذي
ألجأ صاحب الفصول إلى الالتزام بالواجب المعلق هو هذا ، حيث شاهد وجوب بعض
المقدمات الوجودية قبل حصول ما هو الشرط في وجوب ذي المقدمة كالوقت ، فالتزم بتقدم
الوجوب على الوقت. وحيث أبطلنا الواجب المعلق فلا بد لنا من بيان وجه وجوب تلك
المقدمات الوجودية قبل وجوب ذيها.
ولا
يخفى عليك : اختلاف كلمات
الفقهاء واضطرابها في بيان الموارد التي تجب فيها المقدمات ، فتريهم في مورد
يحكمون بوجوب المقدمة الوجودية قبل حصول وقت ذي المقدمة ، وتريهم في مورد آخر لا
يحكمون بذلك ، كما أنه في المورد الواحد يفرقون بين المقدمات الوجودية ، فيوجبون
بعضها ولا يوجبون البعض الاخر ، مثلا تريهم يقولون : لا يجوز إراقة الماء قبل
الوقت لمن يعلم بأنه لا يتمكن من الوضوء بعد