ثم
إن القيود ربما يكون لها دخل في أصل مصلحة الوجوب بحيث لا يتم ملاك الامر الا بعد
تحقق القيد. وقد تكون لها دخل في مصلحة الواجب ، بمعنى ان فعل الواجب لا يمكن ان
يستوفى المصلحة القائمة به الا بعد تحقق القيد الكذائي ، وان لم يكن ذلك القيد له
دخل في مصلحة الوجوب. [١]
وهذان الوجهان يتطرقان في جميع القيود الاختيارية وغيرها. مثلا الزمان الخاص يمكن
ان يكون له دخل في مصلحة الوجوب ، ويمكن ان لايكون له دخل في ذلك بل له دخل في مصلحة
الواجب ، ولا ملازمة بين الامرين ، مثلا خراب البيت يقتضى الامر بالبناء ، وهذا
الخراب حصل في أول الصبح ، فمصلحة الامر بالبناء قد تمت وتحققت من أول الصبح ، ولكن
البناء والتعمير الواجب لا يمكن ان يستوفى المصلحة القائمة به الا بعد الزوال.
والحاصل : انه يمكن ان تكون مصلحة
الوجوب قد تحققت ، ولكن مصلحة الواجب لم تتحقق الا من بعد مضى زمان ، كما ربما
يدعى ذلك في باب الصوم ، حيث يدعى ان المستفاد من الاخبار هو ان مصلحة وجوب الصوم
في الغد متحقق من أول الليل ، ولكن المصلحة القائمة بالصوم لا يمكن تحققها الا عند
الفجر ، كما ربما يدعى ظهور مثل قوله : إذا زالت الشمس وجب الصلاة والطهور [٢] في أن الزوال له دخل في كل من مصلحة
الوجوب والواجب.
وعلى كل حال ، إذا كان القيد غير
اختياري ، فلا بد من أن يؤخذ مفروض الوجود ، ويكون من الشرائط الوجوبية الواقعة
فوق دائرة الطلب ، سواء كان ذلك القيد مما له دخل في مصلحة الوجوب أو كان له دخل
في مصلحة الواجب ، وسواء كان ذلك القيد من مقولة الزمان أو كان من سائر المقولات ،
إذ العبرة في اخذه مفروض الوجود ، هو كونه غير اختياري غير قابل لتعلق الطلب به ، من
غير فرق في ذلك
[١] كما أنه يمكن ان
لايكون للخصوصية الكذائية دخل لا في ملاك الوجوب ولا في ملاك الواجب ، فيكون كل من
الوجوب والواجب بالنسبة إليه مطلقا ، كطيران الغراب مثلا ـ منه.
[٢] الوسائل ، الجزء
الأول ، الباب ٤ من أبواب الوضوء الحديث ١ ص ٢٦١ ولا يخفى ان في الخبر « إذا دخل الوقت
وجب الطهور والصلاة »