حكم شخصي على شخص
خاص ، كقول الآمر لزيد اضرب عمروا ، فلا معنى لان يقال : ان المجعول في قوله اضرب
عمروا ما هو ، إذ ليس فيه الا حكم وعلم باجتماع شرائط الحكم من المصالح ، والمصالح
غير مجعولة بجعل شرعي ، بل هي أمور واقعية تكوينية تترتب على أفعال المكلفين فلم
يبق فيها الا الحكم وهو المجعول الشرعي.
وهذا بخلاف القضايا الحقيقية ، فإنه لما
اخذ فيها موضوع ورتب الحكم على ذلك الموضوع في ظرف وجوده ، كان للنزاع في أن
المجعول الشرعي ما هو ، هل هو الحكم على فرض وجود الموضوع؟ أو سببية الموضوع لترتب
الحكم عليه؟ مجال. وان كان الحق هو الأول ، والثاني غير معقول ، على ما أوضحناه في
باب الأحكام الوضعية. والغرض في المقام مجرد بيان ان النزاع انما يتأتى فيما إذا
كان جعل الاحكام على نحو القضايا الحقيقية ، ولا يتصور النزاع في القضايا الخارجية
لانتفاء الموضوع فيها بالمعنى المتقدم ، أي بمعنى اخذ عنوان الموضوع منظرة ومرآة
لافراد المقدر وجودها. فهذه جهات ثلث تمتاز بها القضية الحقيقية عن القضية
الخارجية.
الامر الثاني :
من الأمور التي أردنا رسمها في مبحث
الواجب المطلق والمشروط ، هو انه قد عرفت ان القضايا الشرعية انما تكون على نهج
القضايا الحقيقية ، دون القضايا الخارجية ، وح تكون الأحكام الشرعية مشروطة
بموضوعاتها ثبوتا واثباتا.
اما ثبوتا ، فلما تقدم من أن القضية
الحقيقية عبارة عن ترتب حكم أو وصف على عنوان اخذ منظرة لافراده المقدر وجودها ، فلا
يمكن جعل الحكم الا بعد فرض الموضوع ، فالحكم ثبوتا مشروط بوجود الموضوع ، نظير
اشتراط المعلول بوجود علته.
واما اثباتا
، والمراد به مرحلة الابراز واظهار الجعل فتارة : يكون الابراز لا بصورة الاشتراط
أي لا تكون القضية ، مصدرة بأداة الشرط ، كما إذا قيل : المستطيع يحج. وأخرى : تكون
القضية مصدرة بأداة الشرط ، كما إذا قيل : ان استطعت فحج ، وعلى أي تقدير لا
يتفاوت الحال ، إذ مآل كل إلى الآخر ، فان مآل الشرط إلى الموضوع ومآل الموضوع إلى
الشرط ، والنتيجة واحدة ، وهي عدم تحقق الحكم الا بعد وجود الموضوع والشرط.