يتصرف من قبل نفسه
ويحكم بما يريد ، إذ ليس شأن العقل الا الادراك.
وان أراد ان العقل يعتبر ذلك بعد العلم
بان ما تعلق الامر به انما شرع لأجل ان يكون من الوظايف التي يتعبد بها العباد ، فهذا
ليس معنى اعتبار العقل ذلك من قبل نفسه ، بل العقل ح يستقل بجعل ثانوي للمولى على
اعتبار قصد التقرب ، ويكون حكمه في المقام نظير حكمه بوجوب المقدمة ، حيث إنه بعد
وجوب ذيها شرعا يستقل العقل بوجوبها أيضا ، بمعنى انه يدرك وجوب ذلك ويكون كاشفا
عنه ، لا انه هو يحكم بالوجوب ، فإنه ليس ذلك من شأن العقل. فكذا في المقام ، حيث
إنه بعد اطلاع العقل بان وجوب الصلاة مثلا انما هو لأجل ان تكون من الوظايف
المتعبد بها ، فلا محالة يدرك ان هناك جعلا مولويا تعلق باعتبار قصد الامتثال ، ويكشف
عن ذلك ككشفه عن وجوب المقدمة ، وأين هذا من دعوى كون قصد الامتثال مما يعتبره
العقل من دون ان يكون للشارع دخل في ذلك؟.
وبالجملة : دعوى ان التعبدية من الاحكام العقلية
بالمعنى المذكور مما لا يمكن المساعدة عليها ، بل الحق الذي لا محيص عنه ، هو ان
التعبدية انما تكون بأمر ثانوي متمم للجعل ، فتأمل في أطراف المقام فإنه من مزال
الاقدام.
ثم
انه ان علم بالتوصلية والتعبدية فهو ، وان شك فيقع الكلام فيما يقتضيه الأصل
العملي : من البراءة ، والاشتغال. فاعلم : انه قد قال بالاشتغال في المقام من لم
يقل به عند الشك في الأقل والأكثر الارتباطيين ، وربما يبنى ذلك على الفرق بين
المحصلات الشرعية والمحصلات العقلية ، بجريان البراءة في الأولى دون الثانية.
فينبغي
أولا تحقيق الحال في ذلك ، وان كنا قد تعرضنا له في مبحث الأقل والأكثر ، الا انه
لا باس بالإشارة إليه في المقام.
فنقول :
ربما يتوهم الفرق
بين المحصلات الشرعية وغيرها بما حاصله : ان المحصل ان كان عقليا أو عاديا لا مجال
لاجراء البراءة فيه عند الشك في دخل شيء فيه ، لأنه يعتبر في البراءة ان يكون
المجهول مما تناله يد الجعل والرفع الشرعي ، والمفروض ان المحصل العقلي والعادي
ليس كذلك ، فلو كان احراق زيد واجبا ، وشك في أن