والفرق بين استكشاف نتيجة الاطلاق في
المقام ، واستكشاف الاطلاق في سائر المقامات ، هو ان من عدم ذكر القيد في سائر
المقامات يستكشف ان مراده من الامر هو الاطلاق ، وهذا بخلاف المقام ، فان من عدم
ذكر متمم الجعل لا يستكشف ان مراده من الامر هو الاطلاق ، لما عرفت : من أنه لا
يمكن ان يكون مراده من الامر هو الاطلاق ، بل من عدم ذكر متمم الجعل يستكشف انه
ليس له مراد آخر سوى ما تعلق به الامر.
وبعبارة أخرى : من عدم ذكر متمم الجعل في مرتبة وصول
النوبة إليه يستكشف ان الملاك لا يختص بصورة قصد الامتثال ، بل يعم الحالين فيحصل
نتيجة الاطلاق.
واما
كيفية اعتبار قصد الامتثال على وجه تحصل نتيجة التقييد ، فقد حكى عن الشيخ قده : الترديد
فيه بالنسبة إلى الغرض أو الجعل الثانوي ، بمعنى ان اعتبار قصد الامتثال ، اما ان
يكون من ناحية الغرض ، واما ان يكون من ناحية الجعل الثانوي. اما اعتبار قصد
الامتثال من ناحية الغرض ، فيمكن ان يقرب بوجهين قد تقدمت الإشارة إليهما.
الوجه الأول :
هو ان يكون المراد من الغرض ، الغرض من
الامر عند ارادته ، بان يكون غرضه من الامر التعبدية وقصد امتثاله ، فيكون امره
لان يتعبد به.
وقد تقدم فساد هذا الوجه ، وانه مما لا
يرجع إلى محصل ، لما فيه :
أولا : من أن ذلك يتوقف على خصوص قصد
امتثال الامر ونحن لا نقول به.
وثانيا : [١] ان مجرد كون غرضه ذلك مما لا اثر له ما
لم يلزم به المكلف ويؤمر
[١] وقد عدل شيخنا
الأستاذ عن هذا الاشكال بعد ذلك ، وقال : انه لو علم أن غرض المولى من الامر
التعبد به فنفس ذلك يكفي في الزام العقل به ، لاندراجه تحت الكبرى العقلية من لزوم
الإطاعة ، ومن المعلوم : انه لو كان الامر بهذا الغرض كان اطاعته بقصد امتثاله ، فيكون
الغرض في عرض الامر ومرتبته ملقى إلى المكلف ، وكما أن الامر الملقى يجب اطاعته
كذلك الغرض الملقى يجب اطاعته. هذا وقد تقدم سابقا ان هناك اشكالا آخر