عرفت : من لزوم تقدم
الموضوع على الحكم ، ففعلية الحكم تتوقف على وجود الموضوع ، فلو فرض ان العلم
بالحكم اخذ قيدا في الموضوع يلزم توقف الموضوع على الحكم ، لان من اجزاء الموضوع
العلم بالحكم ، فلابد من وجود الحكم ليلتئم الموضوع بماله من الاجزاء ، وهذا كما
ترى يلزم منه الدور المصرح ، غايته ان التوقف من أحد الجانبين يكون شرعيا وهو توقف
الحكم على الموضوع لان الموضوع انما يكون بحسب الجعل الشرعي إذ لو لم يعتبره
الشارع لما كاد ان يكون موضوعا ، ومن الجانب الاخر يكون عقليا وهو توقف الموضوع
على الحكم ، لان توقف العلم الذي اخذ قيدا للموضوع على المعلوم الذي هو الحكم حسب
الفرض عقلي ، ولك ان تجعل التوقف من الجانبين عقليا فتأمل.
وعلى كل حال ، لا اشكال في لزوم الدور
ان اخذ العلم بالحكم قيدا للموضوع في مقام فعلية الحكم. واما ان اخذ قيدا في مقام
الانشاء فربما يتوهم عدم المانع من ذلك ، لان انشاء الحكم لا يتوقف على وجود
الموضوع وان توقف فعليته عليه ، بل انشاء الاحكام انما يكون قبل وجود موضوعاتها ، فيرتفع
التوقف من أحد الجانبين هذا.
ولكن اخذ العلم بالحكم قيدا للموضوع في
مرحلة الانشاء وان لم يلزم منه الدور المصطلح ، الا انه يلزم منه توقف الشيء على
نفسه ابتداء بدون توسيط الدور.
وتوضيح ذلك : هو ان الدور عبارة عن
الذهاب والإياب في سلسلة العلل والمعلولات ، بان يقع ما فرض كونه علة لوجود الشيء
في سلسلة معلوله ، اما بلا واسطة كتوقف ( ا ) على ( ب ) و ( ب ) على ( ا ) أو مع
الواسطة كما إذا فرض توسط ( ج ) في البين ، والأول هو المصرح ، والثاني هو المضمر.
والوجه في امتناع الدور ، هو لزوم تقدم
الشيء على نفسه الذي هو عبارة عن اجتماع النقيضين ، فان هذا هو الممتنع الأولى
العقلي الذي لابد من رجوع كل ممتنع إليه ، والا لم يكن ممتنعا ، فالممتنع الأولى
هو ان يكون الشيء موجودا في حال كونه معدوما الذي هو عبارة عن اجتماع الوجود
والعدم في شيء واحد في آن واحد ، والدور انما يكون ممتنعا لأجل استلزامه ذلك ، فان
توقف ( ا ) على ( ب ) يستدعى تقدم