الغير لا يمكن ان
يكون على وجه التخيير ، بل لابد ان يكون ذلك على وجه تقييد الموضوع فيما إذا كان
للتكليف تعلق بموضوع خارجي كخطاب أد الدين ، أو تقييد الحكم فيما إذا لم يكن له
تعلق بموضوع خارجي كالحج ، فيكون وجوب أداء الدين من جهة السقوط بفعل الغير من
قبيل الواجب المشروط ، ويرجع حقيقة التكليف إلى وجوب أداء الدين الذي لم يؤده
الغير ، فالواجب على المكلف هو الدين المقيد. وكذا يقال في الحج : ان وجوب الحج
مشروط بعد قيام الغير به تبرعا.
فتحصل من جميع ما ذكرنا
: ان التكليف الذي ثبت فيه جواز الاستنابة وجواز تبرع الغير يجتمع فيه جهات ثلث : جهة
تعيينية وهي بالنسبة إلى المادة حيث لا يقوم شيء مقامها ، وجهة تخييرية وهي
بالنسبة إلى الاستنابة ، وجهة اشتراط وتقييد وهي بالنسبة إلى السقوط بفعل الغير.
هذا إذا ثبت جواز الاستنابة فيه.
وأما
إذا شك ، كما هو المقصود بالكلام ، فالشك في جواز الاستنابة يستتبع الشك في السقوط
بفعل الغير ، لما عرفت من الملازمة بينهما ، فيحصل الشك فيه من جهتين : التعيين
والتخيير ، ومن جهة الاطلاق والاشتراط ، وأصالة التعيينية والاطلاق ترفع كلتا جهتي
الشك ، كما هو الشأن في جميع موارد دوران الامر بين التعيين والتخيير ، والاطلاق
والاشتراط ، حيث إن ظاهر الامر ومقتضى الأصل اللفظي هو التعيين والاطلاق ، فالأصل
اللفظي يقتضى التعبدية بمعنى عدم جواز الاستنابة وعدم السقوط بفعل الغير ، هذ إذا
كان هناك اطلاق.
وأما إذا لم يكن ، ووصلت النوبة إلى
الأصل العملي ، فمقتضى الأصل يختلف باختلاف جهتي الشك. اما من جهة الشك في التعيين
والتخيير ، فالأصل يقتضى الاشتغال وعدم السقوط بالاستنابة ، على ما هو الأقوى
عندنا : من أن الأصل هو الاشتغال في دوران الامر بين التعيين والتخيير كما حررناه
في محله.
واما من جهة الشك في الاطلاق والاشتراط ،
فالأصل العملي في موارد دوران الامر بين الاطلاق والاشتراط وان كان ينتج نتيجة
الاشتراط ، على عكس الأصل اللفظي ، لرجوع الشك فيه إلى الشك في التكليف في صورة
فقدان الشرط ، والأصل البراءة عنه ، كالشك في وجوب الحج عند عدم الاستطاعة لو فرض
الشك في