وبالجملة
: لو أنكر صحة السلب في سائر المقامات ، فليس
لأحد انكاره في المقام ، لان سائر المقامات يمكن دعوى وضع اللفظ فيها للأعم ، كما
لو ادعى ان الأسد موضوع لمطلق الشجاع الجامع بين الحيوان المفترس والرجل ، فمن
ادعى ذلك فليس ممن ادعى ما يخالف العقل ، غايته انه ادعى ما يخالف الواقع.
وهذا
بخلاف المقام ، فان ادعاء وضع المشتق للأعم مما لا يمكن ، لعدم الجامع في البين
عقلا على ما تقدم بيانه. فالتمسك في المقام بصحة السلب مما لا غبار عليه ، كما لا
غبار لصحة التمسك بلزوم اجتماع الضدين بناء على القول بالأعم فيما إذا تلبس بضد ما
كان متلبسا به كالقيام والقعود ، وتوضيح ذلك : هو انه لا اشكال في تضاد نفس
المبادئ : من القيام والقعود والسواد والبياض وغير ذلك ، وحينئذ فان قلنا ببساطة
المشتق وانه عبارة عن نفس المبادئ لا بشرط ، فلا اشكال في تحقق التضاد بين نفس
المشتقات أيضا : من القائم والقاعد والأسود والأبيض ، إذ القائم هو عبارة عن نفس
القيام المتحد وجودا مع الذات وكذلك القاعد ، فالتضاد بين القيام والقعود لا محالة
يستلزم التضاد بين القائم والقاعد بل هو هو ، فبناء على البساطة لا مجال لتوهم عدم
التضاد بين القائم والقاعد ، ويلزم الوضع للأعم اجتماع الضدين فيما إذا تلبس
القائم بالقعود ، لصدق القائم والقاعد عليه حقيقة ، وهو كما ترى يكون من اجتماع
الضدين.
واما بناء على القول بالتركيب ، فربما
يتوهم عدم التضاد بين المشتقات وان كان هناك تضاد بين نفس المبادئ ، تقريب ان
الهيئة موضوعة للذات التي ثبت لها المبدء في الجملة ، ولو آنا ما ، فيكون القائم
هو الذي صدر عنه القيام ، وهذا المعنى كما ترى يجامع القاعد الذي هو عبارة عن
الذات التي صدر عنها القعود.
والحاصل : انه الهيئة توجب توسعة في
ناحية المبادئ على وجه يقع التخالف بينها ، فيكون ضد القائم هو القاعد الدائمي
بحيث لم يتلبس بالقيام أصلا ، وكذا الحال في القاعد ، واما التلبس بالقيام في الجملة
فليس ضدا للقعود ، وكذا العكس هذا.
ولكن مع ذلك لا يستقيم ، بداهة انه بعد
تعرية الأسماء المشتقة عن الدلالة