عرف المنطقيين ، والذي
جعله المنطقيون فصلا ليس هو تمام ما وضع له لفظ الناطق ، بل الذي جعل فصلا هو
المعنى المجرد عن مفهوم الشيء ، فيكون الفصل أحد جزئي المدلول فلا يلزم دخول العرض
في الفصل بعد هذا التجريد هذا.
وقد أورد على الفصول المحقق صاحب
الكفاية [١]
بما حاصله : انه من المقطوع ان المنطقيين لم يتصرفوا في مفهوم الناطق ، بل جعلوا
الناطق فصلا بماله من المعنى من دون تجريد. ومما أورد على المحشى أيضا ما ذكره
المحقق صاحب الكفاية [٢]
وحاصله : ان الناطق ليس بفصل حقيقي ، بل انما هو من لوازم الفصل وخواصه ، ويكون
بالنسبة إلى الانسان من الاعراض الخاصة وليس هو من الذاتي له ، فلا يلزم من اخذ
مفهوم الشيء في مفهوم الناطق الا دخول العرض العام في العرض الخاص ، وهو ليس
بمحذور هذا.
ولكن لا يخفى عليك : ان هذا
الايراد مبنى على
جعل الناطق بمعنى المدرك للكليات فان ادراك الكليات يكون من خواص الانسان وعوارضه ،
واما لو كان الناطق عبارة عما يكون له النفس الناطقة ، التي بها يكون الانسان
انسانا ، فهو فصل حقيقي للانسان وليس من العوارض.
ومما أورد على المحشى أيضا ما ذكره
شيخنا الأستاذ مد ظله.
وحاصل ما ذكره : هو ان جعل الشيء من
العرض العام مما لا يستقيم ، إذ الضابط في العرض العام ، والمايز بينه وبين الخاصة
، هو انه إذا كان الشيء أمرا خارجا عن حقيقة الذات وكان يلحق الذات لجنسها ـ
كالمتحرك بالإرادة والحساس اللاحق للانسان لمكان كونه حيوانا ـ فهو يكون من العرض
العام ، كما أن ما يلحق الذات باعتبار فصلها يكون من العرض الخاص ، كالضحك والتعجب
اللاحقين للانسان بواسطة كونه ناطقا ، فيعتبر في العرض العام ان يكون أمرا خارجا
[١] الكفاية ـ
المجلد الأول ص ٧٨ « وفيه : ان من المقطوع ان مثل الناطق قد اعتبر فصلا بلا تصرف
في معناه أصلا ، بل بما له من المعنى كما لا يخفى.
[٢] المدرك السابق ص
٧٨ قوله : « والتحقيق ان يقال ان مثل الناطق ليس بفصل حقيقي .. »