أعني ما اعتبر من جهة كشفه عن الواقع و تسمى في الأحكام أدلة
اجتهادية و في الموضوعات أمارة و لو ورد في مورد الاستصحاب دليل معتبر أو أمارة
معتبرة على خلاف الحالة السابقة فلا إشكال في انه يترك الاستصحاب و يعمل بمقتضى
ذلك الدليل أو تلك الأمارة انما الكلام في وجه ذلك و قد قال شيخنا المرتضى قده في
غير مورد من كلامه ان تقديم الأدلة أو الأمارات على الاستصحاب انما هو من باب
الحكومة لا التخصيص و لا التخصص و هي على ما فسرها في مبحث التعادل و التراجيح ان
ينظر دليل بمدلوله اللفظي إلى دليل اخر و يكون مبينا لمقدار مدلوله مسوقا لبيان
حاله نظير الدليل على انه لا حكم لكثير الشك أو للشك في النافلة و أمثال ذلك بالنسبة
إلى الأدلة الدالة على حكم الشك في عدد ركعات الصلاة و على هذا فبيان حكومة الأدلة
و الأمارات على الاستصحاب انه في موردهما و ان كان الشك موجود أو لم يقطع بخلاف
الحالة السابقة و عموم لا تنقض يشمله لفظاً الا ان دليل اعتبارهما قد جعل مؤداهما
واقعاً أوليا بالتنزيل و لازم ذلك جعل الشك فيه ملغى بحسب الآثار فصار مفاد قول
الشارع صدق العادل فيما أخبرك به أو صدق الأمارة فيما حكمته ان شكك في المورد
المفروض بمنزلة العدم و معنى كونه بمنزلة العدم انه لا يترتب عليه ما يترتب على
الشك نظير ما إذا ورد حكم على عنوان العالم و دل دليل على عدم كون النحوي عالماً
فان مرجع هذا الدليل إلى ان ما جعلنا للعالم في ذلك الدليل لا يترتب على النحوي
هذا و يشكل بان الضابط المذكور لا ينطبق على دليل حجية الأمارات و الأدلة و لا على
ساير الموارد التي جعل تقديمها من باب الحكومة كدليل لا ضرر و لا ضرار و لا شك
لكثير الشك و دليل نفي الحرج و أمثال ذلك إذ ليس واحد منها بمدلوله اللفظي