ما لا يعلمون و حديث الحجب و من هنا يظهر
وجه التمسك بهما لنفي القيد المشكوك فان التكليف بالمقيد و ان كان تكليفا واحداً
لكن يصح تحليله عند العقل و يقال ان تعلق التكليف بأصل الطبيعة معلوم و الخصوصية
الزائدة غير معلومة فتنفى بمقتضى الخبرين و يثبت الباقي كما ذكرنا هذا
و ينبغي التنبيه على أمور
الأول [: دوران الأمر بين التعيين و التخيير]
إذا دار الأمر بين التعيين و التخيير بان يكون تعلق الوجوب على موضوع
معلوما و شك في انه على نحو التعيين أو التخيير فهل الأصل يقتضى أيهما فيه وجهان
(وجه الأول) ان تعلق التكليف بهذا الموضوع معلوم و يشك في انه هل يسقط بإتيان شيء
آخر أولا فمقتضى الاشتغال بالحكم الثابت فراغه عن عهدة التكليف يقيناً (و وجه
الثاني) ان الشك في المقام راجع إلى الشك في الإطلاق و التقييد و وجهه ان الشيئين
إذا اتحدا في الأثر فاللازم عند العقل ان يكون ذلك الأثر مستنداً إلى القدر الجامع
فحينئذ مرجع الشك في التعيين و التخيير إلى ان التكليف هل هو متعلق بالجامع بين
الفردين أو بخصوص ذلك الفرد و لما قلنا بالبراءة هناك نقول بها هنا أيضا (و الحق)
هو الأول لأن التخيير و ان كان راجعاً إلى تعلق الحكم بالجامع عقلا و في عالم اللب
و لكن لو كان مراد المولى ذلك العنوان الخاصّ الّذي جعله موردا للتكليف على وجه
التعيين لم يكن للعبد عذر و ليست المؤاخذة عليه مؤاخذة من دون حجة و بيان حيث انه
يعلم توجه الخطاب بالنسبة إلى العنوان المخصوص و من هنا تعرف الفرق بين المقام و
بين دوران الأمر بين المطلق و المقيد حيث انه في الثاني لا يعلم بتوجه الخطاب بالمقيد
فيؤخذ بالمتيقن و يدفع القيد بالبراءة بخلاف ما نحن فيه حيث ان المفروض العلم
بصدور الخطاب المتعلق بالعنوان المخصوص فلا تغفل