و أمّا الثاني: فالتعارض بين الاستصحابين (763): إن كان لعدم إمكان العمل بهما بدون علم بانتقاض الحالة السابقة في أحدهما، كاستصحاب وجوب أمرين حدث بينهما التضادّ في زمان الاستصحاب، فهو من باب تزاحم [*] الواجبين.
عنوان نقض اليقين بالشكّ، لا مطلق الشكّ، و من المعلوم كون الشكّ المضاف إلى شيء متأخّرا رتبة عن ذاك الشيء، و حينئذ يكون المتقدّم رتبة موضوع الاستصحاب، فافهم. إذا عرفت عدم تماميّة الحكومة و الورود [و] التخصيص فاعلم: أنّ الحقّ هو التوفيق العرفي و ذلك لأنّ الاستصحاب لمّا كان دليله بلسان جرّ الواقع، و لم يكن له حكاية عن الواقع كالأمارات، بخلاف سائر الأصول، فإنّه مع عدم الحكاية ليس لها لسان جرّ الواقع أيضا، كان برزخا بين الأمارة و سائر الأصول، فإذا عرض دليله مع أدلّتها يحملونها على مورد فقده، و يحكّمونه في مورد التصادق، و قد تقدّم حكايته عن المصنّف في ذيل الإشكال الثالث، و ببالي أنّه قد اختاره في الدرس في تقديم الأمارة على جميع الأصول بعد الإغماض عن الورود، و سيأتي في باب التعادل استظهاره فيه عنه - قدّس سرّه - فانتظر. (763) قوله قدّس سرّه: (فالتعارض بين الاستصحابين.). إلى آخره. ليس المراد منه هو التعارض المصطلح بمعنى تساقط كلا المتعارضين بالنسبة [*] فيتخيّر بينهما إن لم يكن أحد المستصحبين أهمّ، و إلاّ فيتعيّن الأخذ بالأهمّ، و لا مجال لتوهّم أنّه لا يكاد يكون هناك أهمّ لأجل أنّ إيجابهما إنّما يكون من باب واحد، و هو استصحابهما من دون مزيّة في أحدهما أصلا، كما لا يخفى و ذلك لأنّ الاستصحاب إنّما يثبت المستصحب، فكما يثبت به الوجوب و الاستحباب، يثبت به كلّ مرتبة منهما، فيستصحب، فلا تغفل [المحقّق الخراسانيّ قدّس سرّه].