و أمّا إذا لم يلتفت إليها قصوراً، و قد قصد القربة بإتيانه، فالأمر يسقط، لقصد التقرُّب بما يصلح (631) أن يتقرّب به، لاشتماله على (631) قوله: (فالأمر يسقط لقصد التقرّب بما يصلح.). إلى آخره. توضيحه : أنّ هذا الفعل قابل للتقرّب به، و هو متمكّن من قصد القربة، و قد قصدها، فالشروط الثلاثة كلّها موجودة. و ربما يستشكل في وجود الشرط الأوّل من وجهين: الأوّل: منع كونه قابلاً للتقرُّب، إذ الفعل الّذي مفسدته غالبة على مصلحته لا يصير حسناً فعلاً، فإنّ المفسدة و إن كانت غير مؤثِّرة في القبح الفعلي حسب الفرض، إلاّ أنّها مؤثّرة في عدم الحسن الفعلي، فلا يكون قابلاً للتقرّب به. و يندفع: بأنّ هذا الفعل له اعتباران: اعتبار كونه في نفسه، و اعتبار كونه صادراً عن هذا الفاعل. و المفسدة الغالبة مانعة عن الحُسن الفعلي بالاعتبار الأوّل، و أمّا بالاعتبار الثاني فلا، و لذا يمدح عليه عند العقلاء، نعم إذا لم يكن معذوراً فلا حسن فيه فعلاً من كلتا الجهتين. الثاني: أنّ التقرُّب المعتبر في العبادة خصوص قصد امتثال الأمر، لا الأعمّ منه و من سائر وجوه التقرّب من قصد الحسن و غيره، فالشرط الأوّل منتفٍ، لا لعدم القابليّة للتقرُّب المعتبر عند العقلاء، بل لعدم قابليّته للتقرُّب المعتبر شرعاً. و يمكن دفعه بوجوه: الأوّل: منع اعتبار خصوص قصد امتثال الأمر في الشرعيّات، و إليه أشار بقوله: (و إن لم يكن امتثالا له.). إلى آخره. الثاني: أنّ على تسليمه يكفي مطلق الأمر و لو كان إنشائيّاً، و لا مانع منه، لعدم التضادّ إلاّ في مرتبة الفعليّة، فيؤخذ بإطلاق الأمر في إثبات الوجوب الإنشائيّ. الثالث: أنّا لو سلّمنا لزوم قصد الأمر الفعلي قلنا: إنّه موجود، إذ المانع من فعليّته فعليّة الحرمة، و هي منتفية حسب الفرض، لأنّ أدلّة البراءة النقليّة رافعة