الثالث: ملاك الحمل - كما أشرنا إليه - هو الهوهوية (203) و الاتّحاد فهما متباينان ذاتا، لكونهما متغايرين في جزء الموضوع له. لا يقال: إنّ نظيره موجود بين البقر و الفرس، فيلزم أن يكون الفرق بينهما اعتباريّا، و هو مخالف لقولهم: إنّ الفرق بينهما ذاتيّ. فإنّه يقال: إنّ ذلك فيما كان القدر المشترك في مرتبة الوجود كما في الفصل و الصورة، فإنّ العقل يتصوّر موجودا بين الناطق و النّفس، له جهة اتّحاد مع النوع و جهة مغايرة معه، لا فيما كان في مقام الماهيّة، كما في الفرس و البقر، فإنّ وجود الحيوان في ضمن البقر غير وجوده في ضمن الفرض. (203) قوله: (هو الهوهوية.). إلى آخره. و لا بدّ هنا من رسم أمور: الأوّل: أنّه لا بدّ في الحمل من نحو اتّحاد و من نحو مغايرة بين الموضوع و المحمول. أمّا الأوّل: فلأنّه هو الهوهويّة، فما لم يتحقّق اتّحاد في البين لم تتحقّق. و أمّا الثاني، فلأنّها نسبة، و هي لا تتحقّق إلاّ بين الشيئين، إذ نسبة الشيء إلى نفسه غير معقولة. الثاني: أنّ الظاهر كفاية المغايرة الاعتباريّة مع الاتّحاد الحقيقي، و عدم كفاية الاعتباري منه مع الحقيقيّة منها، لحكم العقلاء و العرف بذلك، فحينئذ يصحّ الحمل في مثل «الإنسان إنسان» في مقام توهّم كون الشيء غيره في مرتبة ذاته، كما يقولون في مبحث الماهيّة: «إنّ الإنسان - من حيث هو - إنسان لا غير»، أو في مقام توهّم إمكان سلب الشيء عن نفسه، كما في قولهم في مبحث الجعل: «الإنسان إنسان في ذاته»، و لا حاجة إلى الجعل التأليفي لثبوت المغايرة الاعتباريّة، و «الإنسان حيوان ناطق»، و «الإنسان ناطق أو ضاحك».