هذا إذا كان المراد به التبادر عند المستعلم، و أمّا إذا كان المراد به التبادر عند أهل المحاورة (53)، فالتغاير أوضح من أن يخفى.
الثالث: الارتكازي: و هو الّذي لا يلتفت إليه الإنسان، فإنّ العلم قد يكون مورد الالتفات، و هو علم تفصيلي، و قد لا يكون، و هو علم إجمالي، و هو المراد في المقام، و لذا قيّده بالارتكازي. و حاصل الجواب: أنّ العلم التفصيليّ بالوضع موقوف على التبادر عنده، و هو موقوف على علمه الإجمالي. و ربّما يتوهّم: أنّ العلم الإجمالي لا يكون علّة إلاّ للتبادر الإجمالي، و ما هو بالإجمال لا يفيد العلم التفصيليّ. و يندفع: بمنع الملازمة بين إجمالية العلّة و إجماليّة المعلول، و الشاهد هو الوجدان. (53) قوله: (و أمّا إذا كان المراد به التبادر عند أهل المحاورة.). إلى آخره. قد يتوهّم: أنّ هذا الجواب بدون ضمّ مسألة الإجمال و التفصيل لا يتمّ. بيانه: أنّ علم الجاهل بالوضع موقوف على إحرازه للتبادر الموجود عند أهل المحاورة، لأنّ العلم بالمعلّم له فرع العلم بالعلامة، و إحرازه لذلك مستلزم للعلم الإجمالي بالوضع، فيصير موقوفا عليه، فلا بدّ حينئذ من ضمّ الإجمال و التفصيل. و هو مدفوع أوّلا: بمنع استلزامه له، بل هو مستلزم للعلم التفصيليّ بالوضع بلا واسطة في البين. و ثانيا: أنّه على تقدير التسليم لا يضرّ، إذ الاستلزام غير التوقّف، بل التوقّف بالعكس، ففي الغرض المذكور - على تقدير تحقّقه - علمه التفصيليّ و علمه الإجمالي كلاهما حاصلان من علمه بالتبادر المعلول من علم العالم بالوضع تفصيلا. ثمّ إنّ المشهور فيما بينهم أنّ عدم التبادر علامة للمجاز. و قد أورد عليه بالألفاظ المشتركة، فإنّه لا يتبادر منها واحد من المعاني، و مع