responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : الرشتي، الميرزا حبيب الله    جلد : 1  صفحه : 35

في الدّلالة و افتقارها إلى ضم القرائن لا يخلو عن احتمالات (الأوّل) أن تكون الدّلالة قائمة بالمجاز و القرينة معا على أن يكون الدال على المعنى المجازي هما معا و يكون كلّ منهما بمنزلة جزء الكلمة مثل أجزاء المركبات المزجيّة في حال العلميّة و هذا هذيان من القول ضرورة عدم كون أسد في قولك أسد يرمي بمنزلة بعض أجزاء المركّبات المزجيّة لعدم استعمالها في شي‌ء بخلاف المجاز فإنّه مستعمل في المعنى المجازي قطعا (و الثاني) أن يكون الدّال هو المجاز و تكون القرينة شرطا وضعيّا لدلالته و هذا أيضا فاسد لأنّ الدّلالة ليست ممّا يقبل الاشتراط لأنّ مرجعه إلى كون اللّفظ مقتضيا للدّلالة و القرينة شرطا لتأثيره الفعلي كسائر الشّرائط فإنّ الفرق بين الشّرط و الجزء هو أنّ الأوّل ما يتوقف عليه التأثير الفعلي كقابلية المحلّ للمقتضي و الثاني ما يتوقف عليه أصل الاقتضاء الثاني مثل كلّ واحد من أجزاء السّبب المركب و من الواضح أنّ لفظ المجاز مع قطع النّظر عن القرينة ليس ممّا يقتضي الدّلالة و لو شأنا لأنّ اقتضاء شي‌ء لشي‌ء إمّا أن يكون ذاتيا أو جعليّا و المفروض أنّ الألفاظ عند الجلّ ليس دلالتها على المعاني بالذات فلا معنى لأن يكون في اللّفظ اقتضاء شأني للدلالة بأن تكون الدّلالة من مقتضيات ذاتها و القرينة شرطا لاقتضائها الفعلي على حدّ سائر الشّروط و الواضع أيضا لم يحدث علاقة بينهما حتى تكون تلك العلاقة الوضعية منشأ لدلالتها الشأنية و إنّما رخّص استعماله فيه مع العربية و مثل هذا الترخيص لا يوجب دلالة شأنية أيضا و لذا لو لم يذكر القرينة لم يكن له دلالة على المعنى المجازي رأسا و الحاصل أن الدلالة الشأنية على القول بعدم كون دلالة الألفاظ ذاتية لا معنى له لأن الواضع إن جعل لفظا علامة لمعنى كان اللّفظ بنفسه دالاّ على ذلك المعنى بالفعل حتّى في المشترك كما سيأتي و إن لم يجعله علامة له بل رخّص في استعماله فيه مع ذكر القرينة الكاشفة لم يكن له بمجرّده دلالة أصلا لا شأنا و لا فعلا لكن و يكون الدّال هي القرينة (و الثالث) أن يكون المعنى المجازي مستفادا من المجاز و القرينة معا لكن لا على الوجه الأوّل السخيف حتى يكونا كالمركبات المزجيّة بل على نحو تعدّد الدال و المدلول فينتقل من أسد مثلا إلى الشّجاعة بالالتزام لأنّها لازم خارجي للحيوان المفترس الّذي هو المعنى الحقيقي و من يرمي مثلا إلى فرد من الإنسان فيكون مدلول قولنا أسد يرمي الإنسان الشجاع بحيث لو اقتصر على ذكر القرينة لم يحصل الانتقال إليه مع وصف الشجاعة فالوصف يستفاد من ذكر المجاز و الموصوف من تعقيبه بالقرينة على حدّ سائر المركبات الإسنادية و ليس في ذلك منافاة لما هو المحقّق من عدم تحقق الالتزام بدون المطابقة لأنّ ذلك إنما هو في ابتداء الأمر فلا يعقل الانتقال إلى المعنى الالتزامي بدون الانتقال إلى المعنى المطابقي الملزوم أولا و أمّا بعد تحقق الانتقالين فلا ملازمة بينهما في إرادة المتكلّم فقد يكون المراد هو المعنى الالتزامي خاصّة و قد ينعكس الأمر و تعيين ذلك موكول إلى مقدار معاندة القرينة فإن كانت المعاندة بالنّسبة إلى المعنى المطابقي كشف ذلك عن إرادة خصوص اللاّزم و هكذا العكس و هذا الاحتمال أوجهها و لا غبار عليه لكن المجاز حينئذ مستقلّ بالدّلالة بالنّسبة إلى المقدار الّذي يدلّ عليه بحيث لو لم يتعقبه القرينة كانت الدلالة أيضا مجالها فأين ما قالوا من أنّ دلالة المجاز إنّما هي بواسطة القرينة لا بنفسه فإن أرادوا أنّ دلالته على تمام المعنى المجازي يتوقف على ذكر القرينة ففيه أن المجاز لا يدلّ على غير ذلك المعنى الالتزامي و لو بعد ذكر القرينة فإنّ الدّال على خصوصيّة الإنسان إنما هي القرينة مستقلاّ و إلى ما ذكرنا يومئ قول بعض السّادة المحققين عن استدراك قيد بنفسه في التعريف لأنّ تعيين اللّفظ للمعنى يقتضي دلالته عليه بنفسه فحيث لا دلالة كذلك فلا تعيين رأسا (فالتحقيق) أنّ المجازات تدلّ على بعض المعنى المجازي بنفسه إما بالالتزام مثل لفظ أسد في قولك أسد يرمي فإنها تدلّ على وصف الشّجاعة دلالة مستقلّة مثل لفظ الميزاب في قولك جرى الميزاب فإنها تدل على كثرة الماء بالالتزام العرفي أو بالمطابقة مثل الكلّي المستعمل في الفرد لخصوصية فإنّه يدلّ على جنس المعنى المراد المجازي بالمطابقة لا بالالتزام أو بنحو آخر حسب اختلاف المجازات و الفرق بينهما أنّ لفظ المجاز في الأوّل لا بد منه في إفادة المعنى المجازي بحيث لو اقتصر على القرينة كما في قولك رأيت راميا لم يستفد منه المقصود بخلاف القسم الثّاني فإنّ القرينة القائمة على إرادة خصوص الفرد قد يكفي في إفادة المقصود و

لا حاجة معها إلى ذكر الكلّي أولا فلا بدّ في مثل هذا النّحو من التجوز من إبداء فائدة بديعيّة و إلاّ خرج الكلام إلى حدّ اللّغو هذا كله إذا كان المحدود خصوص وضع الحقائق و لو كان أعمّ كما يدلّ عليه تعريف اللّغة الّتي هي أعمّ منها و المجاز قطعا بأنّها اللّفظ الموضوع وجب ترك القيد أيضا بناء على ما زعم من استناد إخراجها إليه فهو بين استدراك و إخلال و الصّواب تركه و قد يتوهم إشكالان آخران أيضا بملاحظة ذلك القيد أحدهما خروج المشتركات عن الحدّ لتوقف دلالتها على القرينة المعيّنة و الثاني خروج الحروف و بعدم دلالتها على معانيها بنفسه بل مع ذكر متعلّقاتها الخاصّة و الجواب عن الأوّل أنّ دلالة المشترك غير متوقفة على القرينة و إنّما المتوقف عليها تشخيص المراد فبمجرد سماع لفظ المشترك ينتقل إلى جميع معانيه على سبيل الترديد في الإرادة و القرينة تزيل هذا الإجمال الناشئ من تعدّد الوضع (و الحاصل) أنّ للمشترك دلالتين لأنّ سماع لفظ المشترك سبب للانتقال إلى جميع المعاني مع قطع النظر عن الإرادة و إلى أحدها مع ملاحظة إرادة المتكلّم و النّاشئة عن الوضع إنّما هي الأولى و هي غير متوقفة على نصب القرينة و أمّا الثانية فهي تحصل من مراعاة فائدة الوضع أعني الإرادة و هي على إجمالها أيضا لا تتوقف على القرينة و إذا أريد رفع ذلك الإجمال فلا بدّ من نصبها فالقرينة إنّما يتوقف عليها تحقق فائدة الوضع و هي التّعبير عن المقصود لا الدّلالة المسبّبة

نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : الرشتي، الميرزا حبيب الله    جلد : 1  صفحه : 35
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست