هذا حقّ لو كانت الأمارات مجعولات شرعيّة، و أمّا لو كانت الأمارات أمورا عقلائيّة- يعمل بها العقلاء في جميع أمور معاشهم و سياساتهم- فلا يكون وقوعهم في الضرر و المفسدة بإيقاع الشرع، و الأمارات كلّها عقلائيّة، و إنّما لم يردع عنها الشارع، و مجرّد عدم ردعه إيّاهم لا يوجب الإيقاع في المفسدة من قبله.
و أمّا الأصول العمليّة فيمكن أن يقال: إنَّ ترخيص الشارع بنحو العموم لكلّ مشتبه إغراء للمكلَّف في الوقوع في المفسدة، و ذلك- أيضا- قبيح و لو في مورد حكم العقل بجواز الارتكاب.
لا يقال: إنّ أدلّة حجّيّة الأمارات- أيضا- إغراء له فيها.
فإنّه يقال: ليس في الآيات و الأخبار التي استدلّوا بها لحجيّتها دليل يصحّ الاعتماد عليه في الترخيص في العمل بالأمارات بنحو الإطلاق، و إنّما هي أدلّة في موارد خاصّة و أشخاص معلومة، و لعلّهم كانوا مأمونين عن تخلُّف قولهم للواقع، لشدّة تحفّظهم و تقواهم.