أصول الدّين من الاتّكال على الظنّ و التخمين و متابعتهما كما لا يخفى على من له أدنى تأمّل.
حجّة المجوّز للتّقليد أنّ الّذي يظهر من الأخبار أنّ الرسول (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) كان يكتفي بمجرّد القول بالشّهادتين و غيرهما ممّا يعتبر في أصول الدين من غير مطالبة ببيان الدّليل.
و هذه الحجّة- مع قطع النّظر عن عدم ارتباطها بالمقام، لأنّ مجرّد القول غير حصول الظنّ- سخيفة من وجوه:
الأوّل: إنّ الأدلّة الدّالّة على عدم الجواز منهما يقيني عقليّ، و منها نقليّ يقينيّ كما عرفت. و الظاهر لا يقاوم اليقين، و النّقل لا يقاوم العقل.
و الثاني: إنّها لو تمّت لزم عدم اعتبار الظنّ أيضا، و لم يقل به أحد، بل يلزم كون الإسلام و الإيمان هو الإظهار فقط، و إن كان المظهر شاكّا، بل و إن كان ظانّا حقّيّة خلاف ما يظهر، بل و إن كان جازما أيضا، و لذا كان الرّسول (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) يكتفي من المنافقين أيضا بإظهارهم من دون تفاوت بينهم و بين غيرهم في الاكتفاء الّذي ذكرت.
فان أردت من الإسلام: هو الإسلام الظاهريّ، فلا تأمّل لأحد في أنّه يكفي مجرّد الإظهار، و إن كان معتقدا بعنوان الجزم ببطلان ما أظهر، فضلا عن الشكّ، فضلا عن الظنّ بالحقيقة، فلا يدلّ على اعتبار الظنّ و التّقليد أصلا.
و إن أردت أنّه بمجرّد الإظهار كان يحكم بالإسلام الواقعي، و الإيمان الباطنيّ.
فلا نسلّم ذلك. بل الّذي يظهر هو خلاف ذلك كما هو ظاهر.
و لئن تنزّلنا عن ذلك فظهور الخلاف من أين؟! و لئن تنزّلنا فظهور ذلك من الأخبار المتواترة من أين؟! و الثالث: غاية ما يحصل على تقدير التنزّل هو الظنّ و الظّهور،