و الاستناد إلى ذلك يوجب الدّور أو التّسلسل، إذ الكلام في الاكتفاء بالظنّ.
و على تقدير التنزّل و تسليم دعوى العلم ممّا ذكرتم، فلا شكّ في معارضته لما ذكرناه من الأدلّة، فعلى تقدير تسليم التّقاوم فالرجحان من أين؟! و لو سلّمنا الرّجحان فكونه بحيث يورث اليقين من أين؟! و الظّنّ قد عرفت حاله، و إن سلّمنا كونه متاخما للعلم.
الرّابع: إنّ دليل النبوّة هو المعجزة، و اطّلاع الحاضرين عليها في غاية السّهولة، بل كانوا أعلم بها منّا البتّة. و القدر الّذي كانوا مكلّفين به من أصول الدّين كان علمهم به من قول الرّسول (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) أيضا كذلك، و هذا يكفي لكونه دليلا قطعيّا، و تقليد الرّسول (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) بعد ثبوت رسالته، برهان لا تقليد.
لا يقال: يتوقّف ثبوت النبوّة منها على العلم بوجود اللّه تعالى و عموم علمه و قدرته و حكمته.
لأنّا نقول: من العلماء من يقول: بعدم التوقّف. و على تقدير التوقّف نقول: لا شكّ في أنّهم كانوا عالمين بالأمور المذكورة غير متأمّلين فيها أصلا، و لذا بمجرّد ثبوت المعجزة كانوا يجزمون و ما كانوا يناقشون، و لا نقاش أحد منهم و أحدا من الأنبياء في شيء منها أصلا: إمّا لكونها من الفطريّات على ما قاله جمع من العلماء، و هو الأظهر، كما لا يخفى على المتدبّر، و يظهر أيضا [1] من الخبر الوارد عن الصّادق (عليه السلام): «هل ركبت البحر» [2] ... إلخ.
[1] ف: (و يظهر أيضا.). أي و يظهر أيضا كونها من الفطريات من الخبر الوارد ..
[2] هذا قطعة من حديث راجع توحيد الصدوق (رحمه اللّه): 231 باب معنى بسم اللّه الرحمن الرحيم و فيه: هل ركبت سفينة ...، الحديث 5.