و لقوله (صلّى اللّه عليه و آله و سلم): «الميسور لا يسقط بالمعسور» [1]، و قوله (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) أيضا: «ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه» [2]. و الأخبار الثلاثة يذكرها الفقهاء في كتبهم الاستدلاليّة على وجه القبول و عدم الطّعن في السّند أصلا، و نقلت في الغوالي [3] عنهم (عليهم السلام) و مشهورة في ألسن جميع المسلمين يذكرونها و يتمسّكون بها في محاوراتهم و معاملاتهم من غير نكير، مع جريان الاستصحاب في كثير منها بل جلّها لو لم نقل كلّها.
و ظاهر بعضهم الأوّل، لأنّ الواجب هو المجموع من حيث المجموع، و ما بقي ليس هو المجموع من حيث المجموع، فلا وجه للحكم بوجوبه، مع أنّ الأصل براءة الذمّة.
و أمّا الأخبار فيطعن في سندها، و ربّما يطعن في الدّلالة بأنّ البعض ليس من المأمور به، و كذا الكلام في الخبرين الأخيرين، و يحمل الكلام على ما إذا كان المطلوب متعدّدا، و المتعدّد كلّ واحد واحد مطلوبا، و لا شكّ في أنّ الاحتياط في الثاني، لو لم نقل برجحانه بحسب الفتوى. الظاهر الرجحان.
و الظاهر عدم جريان هذه القاعدة في الأجزاء العقليّة، لاتّحادها في الخارج و بساطتها، و كون التّعدد في طرف تحليل العقل، و كون وجود أحدهما عين وجود الآخر.
و ربّما قيل بجريانها فيه أيضا و لعلّه لا يخلو من الاحتياط، فتأمّل.
[1] عوالي اللئالي 4: 58 الحديث 205 و ورد فيه: و قال النبي (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) «لا يترك الميسور بالمعسور».