تعدّد واجبات لا تحصى و لا يكون على ترك واحد منها عقاب أصلا، مع أنّ الشيء الواجب لا يكون واجبا إلاّ أن يكون على تركه عقاب في الجملة.
فان قلت: إنّهم يقولون بتضيّقه بتضيّق وقت العبادة المشروطة به أيضا.
قلت: هذا التضيّق إنّما هو من جهة كون العبادة مشروطة به، و هو شرطها، لا من جهة الوجوب النفسيّ، إذ لا مدخليّة لتضيّق المشروطة به في الوجوب النفسيّ، فالتضيّق إنّما هو بالوجوب الشّرطيّ، و العقاب حينئذ على ترك المشروط كما صرّحوا به، و العقاب الّذي على ترك نفس الغسل إنّما هو في التّرك عند الموت- كما ذكرنا- مع أنّه [1] قيل: عند الظّنّ لا يكاد يتحقّق عادة منه غسل كما هو ظاهر.
فالأوامر الكثيرة الواردة في الأخبار، لا يكون المراد منها إلاّ الوجوب بالقياس إلى الغير، لأنّه المتحقّق عادة لا الوجوب النفسيّ، لأنّه غير متحقّق عادة، و الأخبار محمولة على الفروض المتعارفة لا النّادرة، سيّما الّذي لا يكاد يتحقّق، فكيف يأمر الشّارع في الأخبار الكثيرة بالوجوب و إتيان الغسل بعنوان الوجوب باعتبار فرض لا يكاد يتحقّق، بل لا شبهة في أنّه باعتبار تحقّق الصلاة مثلا كما فهمه المشهور و جلّ الفقهاء، و يظهر من أخبار اخر مثل: «إذا دخل الوقت وجب الطّهور و الصلاة» [2] و غير ذلك ممّا ذكرنا في الحاشيتين المذكورتين. و حال الأمر بالطّهارة حال الأمر بغسل الثوب و البدن و الظروف و غير ذلك. مع أنّه على تقدير أن يكون ضيق وجوبه