كان يعتمد إلاّ على أحاديث نفسه، بل كثير الطعن على أحاديث الآخر. هذا حال القدماء الّذين كانوا عارفين بأحوال الأصول و الأحاديث، فما ظنّك بحال المتأخّرين.
و ربّما يقول هذا الأخباريّ: القطع حاصل، لأنّ الفقيه يقول: هذا الحديث صحيح.
و بالجملة: الفقيه عنده بمجرّد نقل الحديث يصير معصوما، بل جميع سلسلة سنده يكونون معصومين، لأنّهم نقلوا الحديث، و إذا أجمعوا، و اتّفقوا على حكم يصيرون خاطئين، بل و ربّما يكون عصمة الراوي عندهم [1] منشأ لعدم عصمة المعصوم (عليه السلام) عن السّهو، لأنّ الراوي روى ما يدلّ عليه، و هو واحد من الرّواة لا يمكن أن يسهو فالمعصوم (عليه السلام) عنده يسهو و من العجائب أنّه يدّعي أن كلّ ما يفهمه يكون حجّة قطعا، و لا يتأمّل أنّه أيضا ليس بمعصوم و أنّ فهمه يجوز عليه الخطأ، سيّما و أن يقول:
الظّاهر عندي أنّ المراد كذا، و لا يأتي بحديث يدلّ على أن كلّ من يفهم من حديث يكون فهمه حجّة- أيّ شيء فهم منه- و إن كان فهمه مخالفا لفهم غيره.
و أعجب من هذا أنّه ربّما يحكم بفساد ما فهمه غيره ممّا يخالف فهمه، و يقطع بأنه ليس بحجّة و إن كان أعلم منه و أفضل و أعرف بالعلوم العربيّة و غيرها ممّا يكون له دخل في فهم الحديث.
و أعجب من هذا أنّه ربّما يحكم بفساد ما فهمه جميع الفقهاء الماهرين في الفقه، و العلوم المذكورة و غيرها و يقول: إنّه ليس بحجّة بل هو غلط ليس
[1] أي عند الأخباريين و ان كان السياق يقتضي أن يقول: عنده.