مع أنّهما من الوجدانيّات الّتي لا خفاء فيها، فإنّا كما نجد أنّ للحواس الظّاهرة منّا ملائمات و منافرات، مثل: أنّ السّمع يلائم الغناء و الصّوت الحسن، و ينافر أنكر الأصوات، و قس على هذا سائر الحواس.
كذا نجد: أنّ لنا قوى شهويّة، و قوى غضبيّة، و قوى شيطانيّة، و قوّة قدسيّة ملكيّة يعبّر عنها «بالقوّة العاقلة»، و نجد أنّ لكلّ منها ملائمات و منافرات، و مقتضيات وجوديّة أو عدميّة، فعليّة أو تركية، بالتفاصيل المذكورة في تلك الكتب في جميع أبوابها، سيّما «باب شرح عجائب القلب»، و أنّ العاقلة شغلها الأمر بالحكمة و المصلحة، و جميع ما هو حسن، و ترك ما هو خلاف تلك الأمور، و الّتي كلّها قبيح، و مقتضى النّفس الأمّارة بالسوء و جميعها مهلكات، كما أنّ مقتضى العاقلة كلّها منجيات، بها تحصيل الدّرجات، و الوصول إلى علّيين، و جنّة النّعيم، كما أنّ الأولى، بها تحصل دركات و تنزّلات إلى أسفل السّافلين، و النّار الجحيم.
و بالجملة من أراد اليقين بالبسط و التّفصيل فعليه بملاحظة تلك الكتب.
و أيضا الأشاعرة يقولون: بحجّية القياس، و الاستحسان، و لا يتمشّى القول بهما إلاّ على الحسن و القبح العقليّين: أمّا الاستحسان فظاهر. و أمّا القياس فلأنّ [1] الجامع الّذي هو شرط و علّة في الحكم ليس إلاّ أمرا عقليّا يدركه العقل و يحكم به. و الأدلّة الّتي يستدلّون [بها] على حجيّة القياس
[1] في الأصل: (فلأنّ العلّة و الجامع الّذي هو شرط و علّة). و الظاهر انّ ما أثبتناه هو الصحيح.