قصّرت» [1]، هذا و لا كلام إنّما الكلام في مثل المواضع الّتي أشرنا إليها، من أنّه بمجرّد اللفظ يفهم التعدّي أو المخالفة، و معلوم أنّ ذلك لم يتحقّق إلاّ بمنشإ، و هو التظافر و التسامع من المسلمين أو الفقهاء، و الأنس بطريقتهم، و ما فهموا من فتاواهم، و ما رسخ في الخواطر من معاشرتهم [2] و مخالطتهم، فربّما يكون إجماعا ضروريّا، و ربّما يكون إجماعا نظريّا، و ربّما يكون إجماعا ظنّيا، و ربّما يكون مجرّد الشهرة بين الفقهاء.
فلا بدّ من التمييز بين هذه الأقسام، فإنّ القسمين الأوّلين لا تأمّل في حجّيتهما، و الآخرين وقع النزاع في كلّ واحد منهما، فلا بدّ من التشخيص، و معرفة الدّليل، ثمّ الاعتماد و الفتوى.
و اعلم أيضا أنّ التعدّي ربّما يصير بتنقيح المناط، و هو مثل القياس إلاّ أنّ العلّة فيه منقّحة، أي حصل اليقين بأنّ خصوصيّة الموضع لا دخل لها في الحكم، و كذا اليقين بعدم المانع في مورد آخر، فيجزم بالتعدّي، لامتناع تخلّف المعلول عن العلّة. مثل قول النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) للأعرابي- حين سأله:
جامعت أهلي في شهر رمضان؟-: «كفّر» [3]، فإنّ القطع حاصل بأنّ العلّة هي الجماع فيه من غير مدخليّة الإعرابيّة، و لا كون الجماع بالزّوجة الدّائمة، بل المتعة و الجارية، و الزنا أيضا كذلك، و ربّما لا يحصل القطع بالنسبة إلى الزنا.
و كيف كان، فالقطع إنّما حصل بالإجماع، و هو المنقّح، إذ لا بدّ للتنقيح
[1] الوسائل 4: 130 الباب: 4 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث: 1.