فانّ الاجتهاد له شروط كثيرة لا يعرفها إلاّ المجتهدون الماهرون، و العدالة أسهل الكلّ.
و الجواب: أنّ العلم العادي أو الظّنّ القويّ يحصل بكون رجل ماهرا في الفقه، طبيبا لعلاج الجهل في مسائله، و ان لم يكن له وقوف بالفقه أصلا، كما هو الحال في سائر العلوم و الصّناعات، و كما جرت الحال في خصوص الفقه أيضا في أعصار الأئمّة (عليهم السلام)، و الأمصار، إلى الآن و انّه على ذلك كان المدار بلا شبهة، و غبار.
فيظهر من الإجماع أنّ الأئمّة كانوا راضين بذلك، و أقرّوا، بل و أمروا كذلك. و كذا يظهر من أحاديثهم الصّريحة في جواز التّقليد، و غيرها من الأدلّة الدالّة عليه كما مرّت الإشارة إليها [1].
و يظهر من تلك الأحاديث أنّهم (عليهم السلام) ما جوّزوا تقليد كلّ واحد، و العمل بكلّ ظنّ بل ما جوّزوا إلاّ تقليد الفقيه العادل الزّاهد في الدّنيا، المخالف لهواه [2]، العارف بأحكام الشّرع، النّاظر في الحلال و الحرام، إلى غير ذلك، بل صرّح في رواية (الاحتجاج) بحرمة تقليد العالم الّذي ليس كذلك [3]، فإذا كانوا ما جوّزوا الأخذ عن كلّ عالم، فكيف يجوز الأخذ عن كلّ جاهل، بل و بكلّ ظنّ؟! و أيضا إذا كانوا (عليهم السلام) يسألون: عمّن نأخذ معالم ديننا؟ [4] كانوا يقولون: عن فلان- أي رجل خاصّ- و ما كانوا يرخّصون الأخذ عن كلّ