عليه نفسه كان يعلم أنّه حرام، فإنّ نفسه بشقاوته تخفي عليه أمره، كما ورد:
«انّ الرّياء أخفى من دبيب النّملة» [1] و ورد «أنّه شرك خفيّ» [2]. و أمثال ذلك و أنّ المراد من الهلاك [3] غير العقوبة، بل آثار الحرام الواقعي المترتّبة عليه، الّتي لا تنفكّ عنه، أو لا تكاد تنفكّ. و اللّه أعلم.
الثّاني: أنّه يدلّ على كون الحكم ثلاثة:- و هذا موافق لمذهب المجتهدين- من أنّه حلال بيّن، و حرام بيّن، و شبهات مكروهة.
و أمّا الحكم عند الأخباريّ فأزيد من الثلاثة إن قالوا: بأنّ مثل مال الغاصب و السّارق شبهة، و كذا كون امرأة أختا من الرّضاعة شبهة، و غير ذلك ممّا ورد التنزّه، و الاجتناب عنه، و الاحتياط فيه من الشّرع.
و إن لم يقولوا بذلك و قالوا: بأنّه حلال بيّن- كما صرّح به بعضهم- ففيه:
أنّه كيف يكون هذا حلالا بيّنا، و ما لا نصّ فيه من جميع ما خلق لنا يكون واجب الاجتناب أو حراما، و هذا عجيب.
الثالث: انّه شامل للشّبهة في الموضوع، و ما احتمل الوجوب و غير الحرمة من الأحكام، فما يقولون فيهما فهو جواب المجتهدين أيضا من دون تفاوت كما أثبتناه في رسالتنا في أصل البراءة.
الرّابع: أنّ كون ما لا نصّ فيه شبهة أوّل الكلام، فإنّ الأدلّة السّابقة واحد منها يكفي لخروجه عن الشّبهة، فضلا عن الاجتماع، و سيّما التّواتر
[1] البحار 72: 298- 299 و قد نقله المصنّف بالمضمون.
[2] البحار 72: 300 و قد نقله المصنّف (رحمه اللّه) بالمضمون.