الصورة الثالثة: التخيير العقلي الثابت بضميمة الدليل الشرعي من جهة الاقتصار على القدر المتيقن في رفع اليد عن ظواهر الادلة كما لو دلّ دليل على وجوب اكرام كل عالم و علمنا عدم وجوب اكرام زيد العالم و بكر العالم تعيينا لكن يحتمل وجوب اكرامهما تخييرا فلا بد من الاقصار على القدر المتيقن بأن نقول مقتضى اطلاق دليل الوجوب وجوب اكرام كل منهما على الاطلاق و لكن نعلم بأن اكرام كل منهما يقتضي عدم وجوب اكرام الآخر و نشك في سقوط الوجوب عن كل واحد عند ترك اكرام الآخر و مقتضى اطلاق الدليل رفع اليد عنه في الجملة فنلتزم بوجوب اكرام كل واحد منهما عند ترك الآخر و عدم وجوبه عند فعل الاكرام بالنسبة الى الآخر.
اذا عرفت ما تقدم نقول: ما يمكن أن يقال في تقريب منع شمول دليل الاصل أو الامارة لكلا الطرفين أو الاطراف أو قيل وجوه:
الوجه الاول: ما عن الميرزا النائيني بأن الاطلاق اذا كان غير ممكن فالتقييد مثله اذ التقابل بين الاطلاق و التقييد تقابل العدم و الملكة و اذا استحال احد المتقابلين بالعدم و الملكة استحال الطرف الآخر فلا يمكن انطباق الصورة الثالثة على المقام.
و لكن ذكرنا مرارا ان التقابل بين الاطلاق و التقييد بالتضاد مضافا الى أن استحالة احد المتقابلين يستلزم وجوب الآخر لاستحالة الاهمال في الواقع و ذكرنا ان استحالة احد المتقابلين بالتقابل المذكور في جملة من الموارد يوجب وجوب الطرف الآخر مثلا افتقار الممكن الى الواجب واجب و الحال ان غناه عنه محال و افتقار الباري الى مخلوقه محال و غناه عنه واجب و ايضا علم المخلوق بالخالق محال و جهله به واجب و جهل الواجب بالممكن محال و علمه به واجب فهذا الوجه غير وجيه.