و ثانيا: انه اذا فرض كون الصادر الاول علة للصادر الثاني يلزم قدم الصادر الثاني لاستحالة تخلف المعلول عن علته و هكذا.
و يضاف الى ما ذكر ان النصوص و الروايات الواردة عن مخازن الوحي تنافي هذا الرأى و تنفيه.
منها: ما رواه عاصم بن حميد عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال قلت: لم يزل اللّه مريدا قال: ان المريد لا يكون إلّا لمراد معه، لم يزل اللّه عالما قادرا ثم أراد [1] فان المستفاد من هذه الرواية بالصراحة ان ارادته تعالى فعله و لا يكون من صفاته الذاتية، و انه لو كانت ارادته ذاتية لم يتخلف فعله عنها.
و منها: ما رواه بكير بن اعين قال: قلت لابي عبد اللّه، (عليه السلام): علم اللّه و مشيئته هما مختلفان أو متفقان؟ فقال: العلم ليس هو المشيئة أ لا ترى انك تقول:
سأفعل كذا إن شاء اللّه و لا تقول: سأفعل كذا ان علم اللّه فقولك ان شاء اللّه دليل على أنه لم يشأ فاذا شاء كان الذي شاء كما شاء و علم اللّه السابق للمشيئة [2] فقد صرح في هذه الرواية بمغايرة العلم و المشيئة بالنسبة الى ذاته تعالى.
و منها: ما رواه صفوان بن يحيى قال: قلت لابي الحسن (عليه السلام): أخبرني عن الارادة من اللّه و من الخلق قال: فقال: الارادة من الخلق، الضمير و ما يبد و لهم بعد ذلك من الفعل و اما من اللّه تعالى فارادته احداثه لا غير ذلك لأنه لا يروي و لا يهم و لا يتفكر و هذه الصفات منفية عنه و هي صفات الخلق فارادة اللّه الفعل لا غير ذلك بقول له: كن فيكون بلا لفظ و لا نطق بلسان، و لا همة و لا تفكر، و لا كيف لذلك، كما انه لا كيف له [3] فقد صرح في هذه الرواية بكون ارادته فعله.
[1] الاصول من الكافي، ج 1، ص 109، باب الارادة انها من صفات الفعل الحديث: 1