أما الكلام في المورد الأول فقد تسالم الأصحاب على حمل المطلق على المقيد اذا كان المقيد مخالفا مع المطلق في الحكم ففي المثال المتقدم يحملون المطلق على المقيد و يلتزمون بعدم جواز عتق الرقبة الكافرة، و أما فيما لا يكون كذلك فقد اختلفوا في الحمل على المقيد و عدمه، و أفاد سيدنا الاستاد بعدم وجه للفرق بين المقامين فان كان الظهور فى جانب القيد بحيث يوجب رفع اليد عن اطلاق المطلق فلا بد من رفع اليد عن الاطلاق في كلا المقامين و ان لم يكن كذلك فيدور الأمر بين الحمل على المقيد و بين حمل المقيد على أفضل الأفراد او على الفرد المرجوح.
و يرد عليه: ان حمل الأمر على افضل الأفراد أمر قابل في حد نفسه و أما النهي عن الفرد فلا يمكن حمله على الكراهة اذ الاحكام بأسرها متضادة و لا يمكن أن يجمع بين الوجوب و الكراهة.
ان قلت: كما ان الوجوب و الكراهة لا يجتمعان كذلك الوجوب و الاستحباب لا يجتمعان فما الفرق؟ قلت: يمكن أن يحمل المقيد على أفضل الافراد و على الاستحباب بأن يكون الفرد الخاص مستحبا و اكثر محبوبية من غيره و اما الكراهة فلا يمكن ان تجتمع مع المحبوبية فلا وجه للمقايسة بين الأمرين.
فنقول: المشهور فيما بين القوم ان المطلق يحمل على المقيد حتى فيما يكون المقيد مطابقا مع المطلق في الاثبات و النفي و ما يمكن أن يذكر في وجهه امور:
الاول: ان ظهور المقيد في التقييد أقوى من ظهور المطلق في الاطلاق.
و فيه: ان كلا الظهورين بالاطلاق و لا أقوائية لاحدهما من الآخر.
الثاني: ان الجمع مهما امكن أولى من الطرح و فيه: ان الميزان في الجمع هو العرف و إلّا يمكن الجمع بين جميع الادلة بحمل كل من المتعارضين على غير ما حمل عليه الآخر و هذا لا يكون جمعا عرفيا بل جمعا تبرعيا و لا اعتبار