و منها تكرير تفريع الفروع على الأصول حتى تحصل له قوة الاستنباط و تكمل فيه، فان الاجتهاد من العلوم العملية و للعمل فيه دخالة تامة كما لا يخفى.
و منها الفحص الكامل عن كلمات القوم خصوصا قدمائهم الذين دأبهم الفتوى بمتون الاخبار كشيخ الطائفة في بعض مصنفاته، و الصدوقين و من يحذو حذوهم و يقرب عصره أعصارهم لئلا يقع في خلاف الشهرة القديمة التي فيها في بعض الموارد مناط الإجماع و لا بد للطالب الاعتناء بكلمات أمثالهم و بطريقتهم في الفقه و طرز استنباطهم فإنهم أساطين الفن مع قربهم بزمان الأئمة و كون كثير من الأصول لديهم مما هي مفقودة في الأعصار المتأخرة حتى زمن المحقق و العلامة.
و كذا الفحص عن فتاوى العامة سيما في مورد تعارض الاخبار فإنه المحتاج إليه في علاج التعارض بل الفحص عن اخبارهم، فإنه ربما يعينه في فهم الأحكام [1].
فإذا استنبط حكما شرعيا بعد الجهد الكامل و بذل الوسع فيما تقدم يجوز له العمل بما استنبط و يكون معذورا لو فرض تخلفه عن الواقع.
ثم اعلم ان موضوع جواز الإفتاء أيضا عين ما ذكر. فإنه إذا اجتهد و استنبط الحكم الواقعي أو الظاهري فكما يجوز له العمل به يجوز له الإفتاء به و هذا واضح.
[الثالث] البحث حول منصب القضاء
الثالث موضوع القضاء ليس هو ما تقدم لأنه لما كان من المناصب المجعولة فلا بد من ملاحظة دليل جعله سعة و ضيقا، و كذا الحال في الحكومة و نفوذ الحكم في الأمور السياسية مما يحتاج إليه الناس في حياتهم المدنية.
[1] و أما ما عن بعض المحققين من انه يشترط ان يعرف علم الكلام بمقدار لا يكون مقلدا في مثل مسألة الحسن و القبح العقليين فهو حسن، و اما ما قاله (رحمه اللَّه) من قوة قدسية زائدا على الشروط المذكورة فهو خارج عن فهمنا.
[1] الوسائل- كتاب القضاء- الباب 9- من أبواب صفات القاضي- الرواية 25-