و لكن للنظر فيه مجال واسع، فان قوله: «العلماء ورثة الأنبياء» ليس إنشاء بل اخبار، و يكفي في صدقه كونهم ورثة في العلم و الحديث، و لا يلزم الاخبار عن وراثتهم كونهم وراثا في جميع شئونهم (نعم) لو كان في مقام الإنشاء و الجعل يمكن دعوى إطلاقه على إشكال لكنه ليس كذلك كما لا يخفى [1].
بحث حول مشهورة أبي خديجة و صحيحته
و من الروايات الدالة على المطلوب مشهورة أبي خديجة [1] و هي ما روى الشيخ عن محمد بن علي بن محبوب و طريقه إليه صحيح في المشيخة (و الست) عن أحمد بن محمد أي ابن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن أبي الجهم، هو بكير بن أعين و قد مات في حياة أبي عبد اللَّه (عليه السّلام) و هو ثقة على الأظهر، لكن إدراك الحسين إياه بعيد،
[1] و بتقريب آخران في قوله: «العلماء ورثة الأنبياء» احتمالين:
الأول- ان يكون إنشاء لجعل الوراثة، و هذا لا يتم الا فيما يقبل الجعل كالقضاء و الولاية و نحوهما فمقتضى إطلاقه انه كل ما يكون للأنبياء فهو للعلماء أيضا، فيخرج عن هذا الإطلاق ما قام به الدليل على خلافه، و لكن لا سبيل إلى هذا الاحتمال بعد ملاحظة صدر صحيحة القداح و إليك نقلها: قال: قال رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله): من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك اللَّه به طريقا إلى الجنة، و ان الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا به، و انه يستغفر لطالب العلم من في السماء و من في الأرض حتى الحوت في البحر، و فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر النجوم ليلة البدر، و ان العلماء ورثة الأنبياء (إلخ) فإن الجملات الاخبارية الواقعة قبل قوله: «العلماء ورثة الأنبياء» تورث الاطمئنان بأنه اخبار لا إنشاء، فإن سياقها آب عن هذا الاحتمال.
الثاني- ان يكون اخبارا و عليه فقد يقال: ان الاخبار عن الوراثة بقول مطلق من غير تقييد بشيء يقتضي أن تكون في جميع الشئون و الا فلا يصح الاخبار مطلقا، (و هو مخدوش) بان ذيل الحديث قرينة على ان الاخبار عن الوراثة كان في العلم و الحديث لا مطلقا فراجع و تأمل-
[1] الوسائل- كتاب القضاء- الباب 11- من أبواب صفات القاضي- الرواية 7-