من
الواجب التخييري في آن واحد بان أعتق الرقبة وأطعم ستين مسكينا دفعة واحدة،
فالغرضان لم يستوفهما على الفرض. والقول باستيفاء الغرض المترتب على عتق
الرقبة دون المترتب على الإطعام ترجيح بلا مرجح، وهكذا عكسه، فلا بد من
الالتزام بعدم استيفائه حينئذ لشيء من الغرضين ووجوب الإتيان بأحدهما
عليه، ولم يلتزم بذلك أحد.
و ذكر المحقق النائيني[1]قدّس
سرّه ما حاصله: انّ الإرادة التكوينية تفترق عن الإرادة التشريعية في انّ
متعلق الإرادة التكوينية لا بدّ وان يكون هو الشخص المعين ولا معنى لتعلقها
بأمر مردد، وهذا بخلاف الإرادة التشريعية فانها متعلقة بالكلي، فلا مانع
من ان تتعلق بالمردد، وكان يعبر قدّس سرّه عن ذلك بواقع أحد الأمرين أو
الأمور لا مفهومه.
و نقول: لا يمكننا المساعدة على ما أفاده بعد ما صرح به في ذيل كلامه، فانّ
الواقع المردد لا معنى له أصلا، إذ المردد لا ذات له ولا ماهية ولا وجود.
اللهم إلاّ أن يرجع كلامه إلى الوجه الأول، وهو كون الواجب ما يختاره
المكلف خارجا، وقد عرفت ما فيه.
و ذكر بعض أعاظم مشايخنا قدّس سرّهم ما حاصله: انّ الواجب كل من الطرفين أو
الأطراف بالخصوص لاشتماله على المصلحة، إلاّ انّ الشارع إرفاقا يرفع اليد
عن وجوب بقية الأطراف إذا أتى المكلف بأحدها.
و الفرق بين هذا الوجه والوجه الثاني غير خفي، فانّ في ذلك الوجه ذهب
القائل إلى سقوط وجوب بقية الأطراف بإتيان طرف واحد، ولذا أشكلنا عليه بأنّ
إتيان الواجب لا يوجب سوى سقوط الأمر المتعلق به دون غيره، واما في هذا