لاستلزامه
التكليف بما لا يطاق، وإذا استحال التقييد يستحيل الإطلاق لأنّ تقابلهما
تقابل العدم والملكة، فلا بدّ وان يكون الخطاب مهملا، فاذن الأمر بالشيء
وان كان ثابتا في ظرف امتثاله والإتيان بمتعلقه إلاّ انّ ثبوته من قبيل
ثبوت المقتضي في مرتبة مقتضاه، فانّ الأمر يقتضي إيجاد متعلقه، كما انه
ثابت كذلك في ظرف عصيانه وترك متعلقه، لأنه يقتضي هدمه، والمقدمة أيضا
كذلك، لأنها تابعة لذيها، فليس للأمر المتعلق بها إطلاق بالإضافة إلى ترك
ذيها أو فعله، كما لا يكون مقيدا بأحد الأمرين، وعليه فإذا فرضنا ثبوت
الحرمة للمقدمة مشروطة بترك ذي المقدمة لا محالة لا تكون تلك الحرمة في
مرتبة الوجوب، بل يكونان في مرتبتين، فيرتفع التنافي بينهما باختلاف
الرتبة.
هذا وفي كلامه قدّس سرّه مواضع للنظر.
امّا أولا: فلأنّ ما يترتب على اتحاد الرتبة واختلافها انما هو الأحكام
المترتبة على الرتبة كاستحالة الدور وتقدم المعلول على علّته وأمثال ذلك،
واما الأحكام المترتبة على الزمان كاستحالة اجتماع الضدين في زمان واحد فلا
ترتفع بالاختلاف الرتبي، ومن ثمّ ترى امتناع اجتماع المثلين كبياضين أو
الضدين كسواد وبياض في مكان واحد ولو فرض كون أحدهما علّة للآخر واختلافهما
رتبة، وقد ذكرنا ذلك في بحث فروع العلم الإجمالي وقلنا: انّ الأحكام
الشرعية كلها أمور مبنية على الزمان والزماني ولا تختلف باختلاف الرتبة.
و ثانيا: تقدم مرارا انّ استحالة التقييد لا تستلزم استحالة الإطلاق، بل
ربما توجب ضروريته، فانّ الإطلاق ليس عبارة عن جمع القيود بل معناه رفض
القيود، وعليه فالامر بالشيء يكون ثابتا في كلا تقديري عصيانه وإطاعته
بالإطلاق اللحاظي، وكذلك إيجاب مقدمته، فلو ثبت لها الحرمة بنحو الترتب
يجتمع كلا الحكمين في مرتبة واحدة كما هو واضح.