فان كان
هناك أصل عملي يثبت به جوازه كما لو فرض الشبهة بدوية بعد الفحص فلا محالة
يدخل المشكوك في موضوع دليل الحكم الثابت للعنوان الثانوي ويعمه حكمه، وان
لم يكن في البين أصل عملي كما لو فرضنا الشبهة في أطراف العلم الإجمالي،
نظير ما إذا امر مؤمن بشرب أحد المائعين المعلوم نجاسة أحدهما، أو كانت
حكمية قبل الفحص، فلا يجوز التمسك بعموم ذاك الدليل أصلا، لأنّ الدليل لا
يتكفل إثبات موضوعه، بل هو من التمسك بالعموم في الشبهات المصداقية الّذي
تقدم الكلام فيه، خصوصا في أمثال المقام الّذي يكون المخصص فيه عنوانا
وجوديا قد اعتبر في العام الّذي يكون بحكم المخصص المتصل والمثال من هذا
القبيل.
و امّا على الثاني فتارة: يكون الحكم الثابت للشيء بعنوانه الأولي بنظر
العرف في مقام الجمع حكما طبيعيا لموضوعه، أي ثابتا له في طبعه وقد ذكرنا
في مبحث اللباس المشكوك انّ المراد مما لا يؤكل لحمه المعتبر في اللباس هو
ما يحرم أكله في نفسه وطبعه، ولا يعم ما إذا فقد الحرمة لعارض، فيثبت حينئذ
الحكم الثابت له بالعنوان الثانوي، إذ لا منافاة بينهما مثلا ثبتت إباحة
أكل لحم الغنم في نفسه، فإذا فرضنا انه كان مضرا بالنفس أو مستلزما لإفطار
صوم يوم واجب صومه فبما انّ العرف في مقام الجمع بين الحكمين لا يرى معارضة
بينهما، بل يحكم بأنّ الإباحة حكم طبعي للّحم، والحرمة حكم ثابت له بعنوان
الإضرار أو الإفطار، فيتقدم الحكم الثانوي.
و اما لو كان كلا الحكمين فعليا كما هو ظاهر في موارد الأحكام الإلزامية
فلا محالة يقع التنافي بينهما، وقد ذهب الآخوند قدّس سرّه إلى إدخال ذلك في
باب التزاحم وتقديم أقوى الملاكين من ملاك الوجوب والحرمة. ولكنه مخدوش من
وجهين: الأول: انه يعتبر في المتزاحمين تمامية الحكمين من حيث مقام الجعل
وإمكان جعلهما معا، غايته انّ المكلف لا يقدر على امتثالهما فيقدم الأقوى
ملاكا، وفي المقام